كان أوسكار روميرو رئيس أساقفة الكنيسة في دولة السلفادور وهو أحد أبرز رواد لاهوت التحرير، وقد اغتيل أثناء الصلاة في الكنيسة من قبل مجهولين عام 1980م لدوره في الكفاح من أجل حقوق الفقراء في بلده. وإليكم صلاته التي تعبِّر عن ضرورة التفاني في العمل لأجل بناء ملكوت الله على الأرض من ناحية، وعن صغر دورنا البشري من ناحية أخرى. لأنه مهما فعلنا، فإنَّ طاقتنا نحن البشر لها محدوديتها. وهذا يمنحنا التواضع والالتجاء إلى الله والتوكل عليه في كل شيء، والصلاة بحرارة إلى الرب من أجل تدخُّله ليعيننا في بناء الملكوت على الأرض. وإليكم نص هذه الصلاة:
من المفيد أن نتوقف قليلاً من حينٍ لآخر للتفكير وإلقاء نظرة تأمُّلِيَّة على المستقبل.
إذ إنَّ الملكوت ليس أكبر من نطاق جهودنا فحسب بل حتى أكبر من نطاق رؤيتنا.
فلا نحقق في حياتنا سوى جزء صغير من المشروع الجليل الذي هو عمل الله.
فكل ما نفعله غير مكتملٍ، أو بتعبيرٍ آخر: إنَّ ملكوت الله أوسع من نطاق قدراتنا دائمًا.
فلا يوجد بيان واحد يقول كل ما يمكن أن يقال.
ولا صلاة واحدة تعبِّر تعبيرًا كاملاً عن إيماننا.
ولا اعتراف واحد بالخطايا يأتي بالكمال.
ولا زيارة رعوية واحدة تأتي بالوئام والوحدة.
ولا برنامج عمل واحد يتمِّم مُهِمَّة الكنيسة.
ولا مجموعة من الأهداف أو الغايات تشمل كل شيء.
فعملنا هو كالآتي:
أن نزرع البذور التي ستنمو يومًا ما.
ونسقي البذور المزروعة سَلَفًا، عالمين بأنها تحمل وعد المستقبل.
ونضع الأُسُس التي سوف تحتاج إلى مزيد من النمو.
ونُقدِّم الخميرة الروحيَّة الجيِّدة التي تتكاثر بشكل يفوق قدراتنا البشرية.
ولا يسعنا فعل كل شيء، وهناك شعورٌ بالتحرُّر والارتياح في إدراك ذلك.
وهذا الشعور هو الذي يُعيننا على تأدية شيء ما، وعلى تأديته تأديةً حسنةً جدًا.
وربما يكون عملاً غير مكتملٍ، لكنه بداية، وخطوة في الطريق، وفرصة لنعمة الرب لتدخل وتُكمِّل الباقي.
وربما لن نرى أبدًا النتائج النهائية لعملنا، لكن هذا هو الفرق بين أستاذ البناء والعامل.
فنحن عمال، ولسنا أساتذة بناء؛ وخدام الكلمة، ولسنا مُسَحَاءً.
ونحن أنبياءٌ لمستقبل ليس مُلكًا لنا.
آمين.
--------------
هذه المقالة مقتطفة من كتاب «في انتظاره فعل»
وهناك كتاب بالإنجليزية لأوسكار روميرو بعنوان «The Violence of Love»
وكتاب آخر بالإنجليزية بعنوان «The Scandal of Redemption»