وَرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى. لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلَكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ... لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ. (1 تيموثاوس 4: 7ب–8، 12)

ما أفظع حال الشباب اليوم حينما يندفعون بعشوائية وبمنتهى الأنانية والسذاجة إلى إقامة العلاقات الجنسيَّة، بل يندفعون بهذا الأسلوب العشوائي إلى الزواج أيضًا. ولكن كيف ينبغي أن يتعامل الشباب مع الجاذبية الطبيعية والصداقات التي تنشأ فيما بينهم؟ وما هو الأسلوب الإلَهِي الطاهر في هذا المضمار؟ وكيف يحفظ الشباب والشابات أنفسهم من الإثارة الجنسيَّة السطحية لزماننا هذا؟ وما السبيل إلى الحصول على علاقات طبيعية صادقة وبمطلق الحرية، ومن دون ضغوط الجنس من جهة، أو التقاليد المجحفة من جهة أخرى؟ وكيف لهم أن يُعِدُّوا أنفسهم على أفضل وجه لمسؤوليات ومطالب الزواج؟

ظاهرة المواعيد الغرامية الدارجة تُرخِّص معنى الالتزام في العلاقات

ينبغي أن نبتهج فعلاً حينما تكون هناك علاقات صداقة بريئة بين الشباب والشابات، وكذلك حينما تكون هناك فرص تعامل إيجابي متبادل بينهم في حياتهم اليومية. أمَّا مشاعر التخوُّف التي تعترينا من احتمالية فشل تلك العلاقات البريئة، فغالبًا ما لا يكون لها أيُّ مبرر، وهي علامة تدل على عدم الثقة بهم. فالشباب بحاجة إلى فرص للتواصل فيما بينهم في بيئة جماعية سليمة، حيث يتسنى لهم العمل معًا، أو التحدث عما يخالجهم من أفكار وصراعات، أو الترنيم، أو الاستجمام. أمَّا إذا حصل انقسام في جماعة الشباب إلى مجموعات متكونة من فردين بينهما علاقات عاطفية، أو تكوين تكتلات حصرية ضمن الجماعة، فهو أمر غير سليم بتاتًا، ولا محل له هنا: لأنه في مجتمعات الكنائس، يجب على الشباب والشابات التَّعرُّف بعضهم على بعض قبل كل شيء بصفة إخوة وأخوات في المسيح. ويجب أن تكون لهم الحرية ليراهم الناس معًا دون أن يتعرضوا لأيِّ نوع من النفاق أو التكهنات حول طبيعة صداقتهم. فالضغوط التي تسببها مثل هذه الأقاويل تخنق الحريات، وتتلف وتُشوِّه كل شيء جميل في العلاقة الطاهرة.

إنَّ عدم النضوج لدى بعض الشباب، نراه يُعبِّر عن نفسه من خلال أن «يقع الشاب في حب» شابة (أو شابة في حب شاب) في بادئ الأمر، ثم مع أخرى (أو آخر،) وهكذا يتنقَّل مثلما تتنقَّل النحلة من زهرة إلى أخرى. ومن الجدير بالذكر أن البحث عن شخص مناسب أمر طبيعي جدًا؛ إلاَّ أن ما لا تتسامح فيه الكنيسة ولا تُجيزه، هو التكوين المتواصل لعلاقات جديدة ثم إنهائها. أمَّا الموقف العشوائي لدى بعض الشباب أو الشابات في القفز من فتاة إلى أخرى، أو من شاب إلى آخر، فلا يمكن له أن يكون صحيحًا أبدًا. لأنه يُخدِّر الضمير، ويُرخِّص معنى الالتزام في العلاقات. ورغم أن موجات الجاذبية العاطفية المصاحبة لكل صداقة بين أيِّ فتى وأيِّ فتاة هي أمر طبيعي جدًا، ولكن إذا لم يتم إخضاعها للمسيح، فقد تسبب جراحات نفسيَّة ربما تستمر لمدى الحياة.

فلهذا السبب بالتحديد، ترفض كنيستي ظاهرة المواعيد الغرامية الدارجة. فقد أصبحت هذه المواعيد في بلادنا بصورة عامة مجرد ضرب من ضروب اللهو — وعادة اجتماعية للاقتران مع صديق أو صديقة على أساس الجاذبية الجَسَديَّة والعاطفية. وقد بُنيت على مفهوم مغلوط للصداقة، ولا يكون لها في معظم الأحيان أدنى صلة بالحب الصادق أو بالوفاء. وتركز ظاهرة مواعيد الغرام في حالات كثيرة على انشغال مريض «بمظهر» الفرد. أمَّا عندما تتضمن المواعيد ممارسة الجنس، فإنها تخلِّف ورائها ضميرًا مُثَقَّلاً جدًا بالآثام، بحيث يحتاج إلى سنين طوال لشفائه.

ويسير كُلٌّ من التباهي بالمظهر وسطحية العلاقات جنبًا إلى جنب مع ظاهرة مواعيد الغرام الدارجة. وهكذا الحال مع التَغَنُّج (أي التَدَلُّل وإيماءات المغازلة) — فالفرد يود لفت الانتباه إلى نفسه لكي يغري الشخص الآخر جنسيًّا. فيدلُّ التَغَنُّج هذا على انعدام الفرح والأمان النفسي لدى ذلك الإنسان، وهو إهانة لله.

في السنوات الأخيرة، أزداد عدد الآباء والأمهات وعدد الكنائس التي تبحث عن بدائل لظاهرة مواعيد الغرام الدارجة. ويحاول البعض — على سبيل المثال — إحياء عادة «قديمة الطراز» تتضمن وضع مدة تعارف وديَّة (كالخطوبة) التي تؤكد على مشاورات ومشاركات أُسَريَّة، وتركِّز على أوجه نشاط تُثري الشخصيَّة، وتقوي ما فيها من عناصر طيبة. وتفضِّل الآن معاهد وكُليَّات جامعية مختلطة كثيرة تأدية فعالياتها الدراسية بنطاق جماعي، للتشديد على فعالية الجماعة ككل، وعلى تقدير مشاركة الفرد ضمن الجماعة. وهذه مؤشرات مُشجِّعة حقًّا.

ولكن للأسف، ففي الوقت الذي تشير الإحصائيات إلى تراجع ظاهرة مواعيد الغرام في حياة المعاهد الأكاديمية، هناك عدد كبير ومثير للقلق من الطلاب الجامعيين الذين يقيمون علاقات جنسيَّة غريزية بحتة بدون أيِّ التزامات، بهدف الإشباع الفوري للشهوة الجنسيَّة. وهذا ينبغي أن يحفِّز أولياء الأمور والقساوسة ورعاة الكنائس إلى أن يصبحوا أكثر نشاطًا وانشغالاً بهذه الأمور بشكل غير مسبوق.

المشاعر المتبادلة لا تكفي لبناء علاقة دائمة

كيف ينبغي أن يختار الشاب أو الشابة الشريك المناسب؟ والجواب على هذا السؤال كالآتي: بالنسبة إلى الشخص المسيحي، يجب أن يكون العامل الحاسم في هذا الموضوع هو وجود وحدة القلب والروح في الروح القدس، بينه وبين شريكة حياته (أو شريك حياتها) دائمًا. فينبغي أن يشعر الشريكان بأن علاقتهما تُقرِّبهما إلى الرب يسوع، لأن مشيئته وحدها هي القادرة على تجميع أيِّ اثنين من اللذين سيكون أحدهما من نصيب الآخر. فبدون يسوع المسيح، وبدون الوحدة المُتَميِّزة السامية التي يهبها المسيح للعلاقة الزوجية بين زوجين، لن يستطيع الشريكان على الأرجح التغلب على الأزمات والصراعات الروحيَّة التي تحصل في كل علاقة زوجية، وخصوصًا عندما يُرزَقان بأطفال.

يجب على أيِّ شاب وشابة اختبار وامتحان حبهما لمدة من الزمن — حتى لو كانا متأكدَين من رغبتهما في الدخول في علاقة ملتزمة كالخطوبة على سبيل المثال — وذلك للتأكُّد فيما إذا كان حبهما مجرد لهبة قش من الجاذبية العاطفية، أو هو أمرٌ أسمى من ذلك. ونقول هنا مرة أخرى إنَّ الجاذبية الجَسَديَّة والعاطفية هي أمر طبيعي، ولكنها لا تُشكِّل أساسًا كافيًا لبناء الزواج عليه وتأسيس أسرة، ولا يمكنها أبدًا أن تكون عاملاً حاسِمًا يُعتمد عليه لإقامة علاقة ملتزمة مؤبدة. فالعلاقة التي لا تقوم إلاَّ على هذه الأمور علاقة ضحلة ومصيرها التمزُّق. ويجب أن يكون السؤال الحقيقي دائمًا هو كالآتي: «ماذا يريد الله لحياتنا ومستقبلنا معًا؟» ذلك أن إرادته هي الأساس المضمون.

لقد سمعنا كلنا القول المتداول: «ما في داخل الإنسان هو المهم،» ولكن، أنؤمن حقًّا بذلك؟ لأننا كلنا قد حكمنا في حياتنا على الآخرين على أساس مظهرهم، بمعرفة أو بغير معرفة. ففي الثقافة التي نسمع فيها عبارات مثل: «يا لها من شابة جذابة جدًا،» أو: «يا له من شاب وسيم،» وما إلى ذلك، فمِن المفترض بنا التوقُّف لبرهة للتمعُّن بأيِّ رسائل مُبَطَّنة نقوم بإرسالها إلى أولئك الذين لا يوصفون بهذه الأوصاف.

ونرى ظاهرة الحكم على الناس على أساس المظهر (أو ما يعرف بالتمييز المظهري) أنها مستفحلة جدًا، ولاسِيَّما لدى الشباب الذين يعتزمون الزواج. فقد تنتقي الفتاة أكثر الشباب وسامة حولها، وقد ينتقي الشاب أجمل فتاة في المجموعة، ولكن ماذا عن علاقتهما بعد عشر أو عشرين سنة من رحلة الحياة؟ هل يواظبان على حبهما عندما يصير الرجل أصلعًا، أو عندما تصير المرأة بدينة أو تكسو التجاعيد وجهها؟ مما لا شك فيه أن الجاذبية الجَسَديَّة جزء من أيِّ علاقة، ولكنها لا يمكن أن تكون أساسًا لعهد من الولاء والحب يطول مدى الحياة. كما يُعبِّر عن ذلك النبي إشعياء عندما قال:

كُلُّ جَسَدٍ عُشْبٌ، وَكُلُّ جَمَالِهِ كَزَهْرِ الْحَقْلِ. يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ. (إشعياء 40: 6ب–7أ)

ليس من السهل الرؤية بعيني القلب والروح، ولاسِيَّما عندما نكون شبابًا. ولكننا مع ذلك علينا التضرُّع لله ليهبنا مثل هذه البصيرة المُهِمَّة. فإذا نفتح قلوبنا لحكمة الله، فسنرى جمالاً في كل إنسان نقابله، وسنحب كل شخص لكونه رفيقًا مخلوقًا على صورة الله.

لقد عرفتُ السيدة روز Rose منذ كانت صبية صغيرة. فعندما بلغتْ سِنِّ الرشد، قابلتْ توم Tom ووقعتْ في غرامه. وتوم هذا مُقعد يعاني من اختلال دماغي شديد، وقد قضى حياته كلها في كرسي متحرك، ورغم ذلك تزوجا، ولهما الآن طفلان رائعان. فقد كان توم في نظر روز أروع رجل في العالم. فربما لا يرى الآخرون إلاَّ نواحي عجزه، أمَّا روز فرأت جمال نفسه.

وهناك زوجان آخران بريطانيَّا الولادة ضمن مجتمعات كنيستنا وهما فيكتور وهيلدا Victor and Hilda اللذان عاشا معًا لغاية التسعينيات من عمرهما، وكانا قد تزوجا في عمر العشرينيات، وقد أحب أحدهما الآخر حُبًّا كبيرًا إلى النهاية. ولم تكُن هيلدا جميلة بالمعنى السائد في العالم: وقد أحدودب ظهرها بشكل حاد عندما بلغت السبعين، وأصيبت برعشة عصبية شوَّه الجانب الأيمن من وجهها. ومع ذلك، كانت دائمًا في نظر فيكتور، كما يقول هو: «أميرتي.» فقد تأسس حبهما على شيء أسمى بكثير من المظاهر.

وفي غضون السنوات الثلاثين التي قضيتها في عملي كمرشد اجتماعي لتقديم المشورة للمتزوجين الشباب، أخبرني الكثير منهم عن أفراحهم وصراعاتهم، ومع ذلك فلا أزال أتأثَّر كثيرًا في كل مرة يأتيني أحد الشباب ليفتح قلبه لي بكامل الثقة، ويحكي لي عما يدور في حياته. ومنذ وقت قريب، كتبت امرأة تدعى كيت Kate لزوجتي تخبرها عن تعمُّق علاقتها مع أحد الشباب ويدعى آندي Andy وهما من أفراد مجتمع كنيستنا، ويشتركان في نشاطات مجموعة الشباب الراشدين التي عندنا. ولم يكونا شخصين مُتَميِّزين، ولكن عندما كانت علاقتهما تنمو، وُهِبَا عَطيَّة مُتَميِّزة، ألا وهي: أساس رصين لسعيهما المشترك إلى إقامة علاقة. فكتبت كيت لزوجتي تقول:

كان سعينا وبحثنا عن مشيئة الله تجربة روحيَّة حامية منذ البداية. وقد تقرَّب روحيًّا أحدنا إلى الآخر، خصوصًا عن طريق قراءة الكتاب المُقدَّس، والصلاة معًا. ومع ذلك، يمكنني القول إنَّ صراعنا الأكبر كان سعينا للتخلي عن مفهومنا العاطفي والرومانسي عن الحب، لأنه يشغل حيِّزًا صغيرًا في الحقيقة في العلاقة السليمة. وكان حديثنا أحيانًا ينزل لمستوى الجاذبية البشرية، ولكن تأثيراته كانت مُدمِّرة لأنه كان يقوِّض ما اختبرناه معًا على المستوى الروحي ... ولكننا عندما حرصنا على إبقاء الله وأجوائه في محور لقاءاتنا، صار يفهم ويحِسُّ كل مِنَّا بالآخر، وبأكثر وجدانية.

وفي الوقت الذي أخذ أحدنا في التَّعرُّف على الآخر بشكل أفضل، ورؤية الصراعات الروحيَّة لكل يوم وإخفاقاته لكل مِنَّا، صار أيضًا بمقدور أحدنا أن يوبِّخ الآخر، ويُشجِّعه أيضًا. ونتيجة لذلك، صار يحِسُّ كلانا بتقرُّبه إلى الله. وها أنا أرى الآن بوضوح كيف أن العلاقة لا تتأسس مرة واحدة وإلى الأبد، بل يجب أن تُبنى يوميًّا — حجرة حجرة — وبإيمان ثابت. وأنا ممنونة جدًا لله بالوقت الذي قضيناه أنا وآندي في حديثنا الصريح المتبادل، ليتسنى لنا بناء أساس رصين فعلاً. وأشكر الله أيضًا على أن الطريق لم يكُن سَلِسًا ومفروشًا بالورود، فلا شيء ذو قيمة يأتي دون صراع.

إنَّ قصة آندي وكيت قصة مُشجِّعة فعلاً؛ إذ نرى أنه لا يزال مُمكِنًا للشباب حتى في زماننا هذا أن يأخذوا مسألة العلاقة بينهما مأخذ الجِدِّيَّة للدرجة التي يسعون فيها إلى وضع الله قبل أيِّ شيء آخر. وعلينا هنا أن نتذكَّر قول الرب يسوع في هذا الصدد:

لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. (متى 6: 33)

إذا كان الإيمان هو الأساس المتين الوحيد للزواج المسيحي، فسيترتب على ذلك وجوب تقديم الشريكين عهود بتكريس الحياة للمسيح وللكنيسة أولاً، قبل تقديم أيِّ عهد بتكريس الحياة أحدهما للآخر. ونرى هنا أهمية دور المعمودية في هذا الموضوع، بحيث إنه مهما شدَّدنا عليها فلا نوفيها حقَّها. لأن المعمودية تُعتبَر واحدة من أعظم النعم الإلهية التي يمكن للمرء اختبارها، لكونها إعلانًا عن توبة الإنسان عن الذنوب، ولكونها عهدًا مع الله الآب لإنسان ذي ضمير طاهر، بل يمكنني القول أيضًا إنه لا يوجد أساس آمن لزواج مسيحي بدون المعمودية.

ولا يجوز طبعًا تعميد أيِّ شخص من أجل جمع شمله مع زوج، أو زوجة، أو أطفال. فقد قال يسوع المسيح:

إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ، وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. (لوقا 14: 26)

ولا يجوز أيضًا أن تختلط الرغبة في المعمودية بمشاعر الرغبة في العثور على شريك حياة زوجية من داخل مجتمع الكنيسة. ولكي تأخذ المعمودية معناها الحقيقي، فإنها يجب أن لا تكون سوى علامة على توبة نصوحة، واهتداء، وإيمان مسيحي.

العلاقة السليمة تتطلب الوقت والرعاية

يقول يسوع إننا لا نقدر على خدمة سيدين (راجع متى 6: 24). ويعلِّمنا يسوع أيضًا أننا عندما نثق في الله وحده، ونتوكل عليه توكلاً كاملاً، سيسدُّ الله كل حاجاتنا، بما في ذلك حاجتنا إلى شريك حياة أو شريكة حياة. «لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.» (متى 6: 33) وتُعتبَر هذه النصيحة مُهِمَّة جدًا ليس لأولئك الذين قد انشغلوا بمسألة الزواج بطريقة غير سليمة فحسب، بل لنا كلنا أيضًا.

ولا أريد أبدًا من قولي هذا أن يتخلَّى الشباب عن الزواج كما فعل بولس الرسول؛ لأن الدعوة الإلهية إلى حياة العزوبة (التَّبَتُّل) يجب أن يحِسَّ بها الإنسان شخصيًّا في داخله. فإذا لم يكُن الزواج هو ما يشاء الله للفرد (وهذا يصعب تمييزه في أغلب الأحيان)، وجب عليه أن يكون على استعداد للتَّخلِّي عن الزواج، وهذا يشمل كل واحد مِنَّا، مثلما يُشجِّعنا الإنجيل على التضحية لأجل المسيح:

بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً، مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ. (فيلبي 3: 8)

فعندما يقتحم نور الرب يسوع حياتنا، نحصل على القوة اللازمة للاستسلام له كُليًّا، وتكريس حياتنا له بالكامل كل يوم وكل ساعة، بحيث يحصل كل شيء في حياتنا على نسبته الصحيحة، وحقِّه المناسب.

وعلى خلاف ما هو مقبول على نطاق واسع بأن أكثر العلاقات سلامة هي تلك التي تكون أكثرها خصوصية (أيْ لا يعرف بها أحد،) إلاَّ أننا نرى أن الخطوبة والزواج هما من مسؤولية مجتمع الكنيسة بأكمله، ولا تقتصر على الأفراد المعنيين. لذلك عندما يشعر الشباب والشابات في كنيستنا بأن بعضهم ينجذب عاطفيًّا إلى بعض، عادة ما أنصحهم بالتوجُّه أولاً إلى والديهم، ومن ثم إلى قسيس الكنيسة. فمنذ تلك اللحظة توضع علاقتهما تحت رعاية الكنيسة. ولا يحسب شبابنا هذه الخطوة أنها عبء ثقيل مفروض عليهم، ولا يشعرون أيضًا بأنهم تحت وصاية أحد، بل بالعكس، فهم يحمدون الله ويشكرونه على إمكانية الحصول على الإرشاد والتوجيه في هذا المجال الحساس، لأن قِلَّة الخبرة فيه والنجاسة الجنسيَّة تُسبِّبان المآسي للكثيرين.

بطبيعة الحال، لا يمكن العمل بهذه الطريقة إلاَّ في طائفة أو جماعة مسيحية تسودها المحبة والثقة، وعلى كل زوجين أن يَرتئِيا كيفية تطبيق هذا على موقفهما. وقد يكون من الصعب على قسم من الناس استيعاب الغرض من طلب الإرشاد والتوجيه. وقد ينفر آخرون من الفكرة كُليًّا. ولكن مع ذلك، فإنَّ درس انفتاح المرء على مَنْ يثق فيهم، هو درس جدير بأن ينال ما يستحقه من اهتمام.

لقد تقابل رَي Ray وخطيبته هِلين Helen في كنيستنا. ويحكي لنا رَي قصتهما وكيف بدأت، فيقول:

في ليالي أيام السبت، وعندما لم أكُن أعمل لساعات متأخرة في محل الملابس الشهير أرماني Armani Exchange، كنتُ أذهب إلى النوادي مع بعض الأصدقاء، أو ربما أذهب إلى الشارع الثالث في مدينة سانتا مونيكا في ولاية كاليفورنيا (وهو مُجمَّع سياحي من الأسواق والمطاعم وأماكن الترفيه القريب من المحيط الهادئ،) أو مجرد أقود سيارتي إلى منطقة الرصيف البحري (الممتد لمسافة معينة إلى البحر) للتسكُّع هناك. وكان هذا المشهد نادرًا ما يتغيَّر، فيما عدا البنات. ولم يكُن لديَّ لا علاقات جِدِّيَّة ولا سيئة — وإنما مجرد مَنْ تقاسمني دفع حساب المشروب في الحانات، أو مَنْ ترقص معي في صالة الرقص. وأحيانًا كنتُ أقابل مَنْ ظننتُ أنها شخص مُتَميِّز، التي وددتُ رؤيتها أكثر من مرة. وكُنَّا نتبادل أرقام هواتفنا، ونرتب لعشاء وسينما. وكان كل شيء يبدو بريئًا وسهلاً وعفويًّا إلى حدٍّ كبير.

فهذه كانت نظرتي إلى الأمور وقتذاك قبل ثلاث سنوات، ومن قبل أن أبدأ بالتَّعرُّف على هِلين.

لقد نشأ كل مِنَّا (أنا وهِلين) في الكنيسة نفسها. وقد تَعرَّف أحدنا على الآخر في سِنِّ المراهقة، ورغم أنه كان لدى كل مِنَّا مشاعر عاطفية نحو الآخر، إلاَّ أننا لم نكشف عن هذه المشاعر. ومن ثم افترقنا بعد الدراسة الثانوية. فاتجهتْ هي إلى المعهد، ومن بعدها اشتغلتْ معلمة؛ أمَّا أنا فهجرتُ الكنيسة وتوجَّهتُ إلى «العالم.» ولكن بعد ستة أشهر من التقشف، والعمل متطوعًا في مشاريع خيرية في دول أخرى، ومن ثم دراسة فصلين في الجامعة شرقي أمريكا، ومن ثم انشغالي مدة سنة جنوبي كاليفورنيا بالعمل في بعض المهن دون أيِّ هدف يُذكر في الحياة، حاصرني أخيرًا الإحساس الذي كان يُناكِدني طويلاً بأن حياتي أصبحت مهزلة. وكان عليَّ الإقرار بما حاولتُ إنكاره لمدة طويلة — وهو أن فراغًا هائلاً وفتورًا كانا يتقنعان وراء موقفي المتصلب الزائف. ولم يتمكَّن أسلوب حياتي من إشباع شغف نفسي للشفاء الروحي، لأن مقابلاتي مع الآخرين، وبالأخص النساء، كانت سطحية في أفضل الأحوال. وغالبًا ما كانت مُدمِّرة.

وأدركتُ بوضوح لأول مرة في حياتي، حاجتي الماسة إلى القوة الشافية التي لا يقدر على منحها سوى المسيح. وعرفتُ أنه لا يمكنني الحصول عليها من ذاتي، وأنا أعيش مُستَقِلاً عن الكنيسة، بل أحتاج إلى مساندة الآخرين من الذين أثق فيهم. لذلك رجعتُ إلى والديَّ في بيتنا. وكرَّستُ حياتي لخدمة الرب، ولخدمة الإخوة والأخوات في كنيستي، بعد اقتناعي بأني مصمم على جعل الله محورًا لحياتي.

عندئذ أخبرتُ والديَّ وراعي كنيستي بمشاعري العاطفية نحو هِلين، فنصحوني أن أدع الأمور تسير سَيرًا طبيعيًّا، حتى يأتي الوقت المُعيَّن من قِبل الله. فكانوا يؤكدون على النقطة التالية ويقولون: «لو شاء الله هذه العلاقة، لحصلتْ بالتأكيد، ولا يقدر أحد على الوقوف حجر عثرة في طريقها.» ولكنهم شجعوني على المباشرة والتحدُّث معها.

وفعلتُ كما قالوا لي. ولم يستغرق الأمر طويلاً حتى أحَسَّ كلانا بانبثاق شيء جديد بيننا. ولم يجرؤ أيٌّ مِنَّا على تسميته «حُبًّا» في ذلك الوقت — ولكنه كان فعلاً حُبًّا جديدًا وعزيزًا للغاية. وبمرور الأسابيع والأشهر، شعرنا برابطة عميقة تنمو بيننا. وكُنَّا نقضي أوقاتًا كثيرة معًا، أحيانًا بمصاحبة أسرة كل مِنَّا، وأحيانًا لوحدنا. فكُنَّا نتأمل مواضيع الإيمان، أو نقرأ الكتاب المُقدَّس، أو نصلِّي، أو مجرد نجلس معًا بهدوء. بعدئذ، وعندما اضطرني عملي إلى الانتقال إلى مكان آخر، صار أحدنا يكتب الرسائل إلى الآخر كل يوم تقريبًا.

وبينما كانت صداقتنا تتوطد وتتعمَّق، زادت صراحتنا. ولكننا تعلمنا أن الثقة تحتاج إلى وقت. ففي بداية الأمر، تَكَشَّف لنا شيء وكأنه رؤيا إلَهِيَّة صدمتنا عندما أدركنا أن كل مِنَّا لديه نقائصه. فقد آذى أحدنا الآخر، حتى أننا كُنَّا أحيانًا نتنكر للحب الذي أخذ يتشكل بيننا. ولكن كلما كان أحدنا يتقوقع في ضيق أفقه ويتعنَّت مع الآخر، كان أهالينا ورعاة الكنيسة يمدون لنا يد المساعدة، ويعملون على توجيهنا، لنجتاز أزماتنا.

مما لا شك فيه أن الإفضاء بمكنونات النفس إلى شخص آخر وأيضًا بطبيعة العلاقة الجارية بيننا، كان أحيانًا أمرًا مؤلِمًا بل ومُحرِجًا، خصوصًا عندما لا تسير الأمور بسلاسة. ولم تكُن لنصائح أهالينا أو غيرهم من أفراد الكنيسة وقع حسن عندنا دائمًا. ولكن بمجرد اكتشافنا القيمة العظيمة لوجود ناس جديرين بالثقة نأتمنهم أسرارنا، أدركنا أن الله كان يُقدِّم إلينا فرصة ذهبية، لكي تُكشَف علاقتنا على حقيقتها، في بيئة مهيأة لتقديم المساندة والعون إلينا.

أمَّا الآن ومع اقتراب عرسنا أنا وهِلين، فنحمد الله ونشكره على مساعدة الآخرين لنا، الذين وجَّهونا إلى المسيح. فمِن دونهم لم نكُن، على الأرجح، لا أنا ولا هِلين قد وجد أحدنا سبيله إلى قلب الآخر. لقد أدركنا أنه عندما تتعمَّق وتسمو علاقتنا بهذا الشكل، وبدون الضغوط التي تفرضها أمور الجنس علينا، إنما هي عَطيَّة نادرة، ولاسِيَّما في زماننا المعاصر هذا. ونعلم أيضًا بأن المسيح سيظَلُّ مرشدنا دائمًا، مهما كان المستقبل يخبئ لنا.

توضِّح لنا قصة رَي وهِلين الأهمية القصوى لكل اثنين يعتزمان الزواج، في أن يأخذا قدرًا كبيرًا من الوقت ليصلا إلى معرفة أحدهما الآخر على الصعيد الروحي قبل القيام بأيِّ التزامات بينهما. فعندما يسعى اثنان إلى الزواج، فإنَّ الأولويات الأساسية التي يجب عليهما السعي لأجلها هي اكتشاف كل ما هو من الله لدى الآخر. وهناك فيض من الفعاليات السليمة والمفيدة التي يتسنى لهما أداءها لهذا الغرض: كالقراءة، أو نزهات السير الطويلة، أو تبادل الزيارات الأسرية، أو الاشتراك معًا في شتى أنواع مشاريع الخدمات المجتمعية التَّطوُّعِيَّة. أمَّا المراسلة فيما بينهما، فهي وسيلة طيبة أيضًا ليتعرَّف أحدهما على الآخر بمستوى أسمى. على أن المراسلة في بادئ الأمر، بحسب ما شهدتُه وتعلَّمته، يجب أن لا يتخللها أيُّ التزامات أو عهود، بل ينبغي أن تكون كما من أخ لأخته أو العكس (أيْ كإخوة في المسيح.) والسبب هو أن الكلام عن مشاعر غزل الحب العاطفي وانتماء أحدهما إلى الآخر، يعمل عملاً معاكِسًا، ويُخرِّب، ولا يعطي أساسًا للمستقبل. لأن كلامًا كهذا ليس له سوى التشويش على فطنة الإنسان التي يحتاجها لمعرفة إن كان الالتزام والاقتران المستقبلي هي مشيئة الله له أم لا.

وتُشجِّع كنيستنا الشباب من الذين يعتزمون الزواج ليس على كتابة الرسائل فيما بينهم فحسب، بل أيضًا على أن يكونوا صريحين مع والديهم، أو مع رعاة كنيستهم، وأن يُعْلِموهم برسائلهم. وقد يبدو مثل هذا الانفتاح مبالغًا فيه، إلاَّ أنه يسمح في الواقع بالترحيب بالدعم والإرشاد، ولا يستاء الشباب منه، ويخلق محبة عارمة بين جميع الأطراف. وليس في وسعنا سوى أن نتساءل عن عدد العلاقات التي كان بالإمكان إنقاذها وإرشادها إلى الطريق السليم، لو أن الشباب والشابات، وفي كل مكان، كان لديهم التواضع للتوجُّه إلى والديهم (أو إلى أيِّ زوجين آخرين أكبر سِنًّا منهما ويثقان بهما) طلبًا للنصح والإرشاد، حتى لو لم تكُن بهذه الطريقة المحددة التي ذكرناها أعلاه.

نقول مرة أخرى إنَّ العلاقة السليمة لا يمكن الاستعجال بها. لأنها مثل الزهرة التي يجب إعطاءها الوقت المُعيَّن من الله لكي تتفتَّح، وليس بإجبارها على أمل الإزهار مبكرًا. فإذا أردنا للزواج أن يدوم، وجب علينا أن نقيمه على أساس مبني بعناية مرهفة.

أكثر ما يهم في قرار الزواج مشيئة الله

يُعتبَر الصدق أمرًا جوهريًّا في كل علاقة سليمة. فإذا لم يشعر كل من الشخصين اللذين يعتزمان الزواج بازدياد تقرُّب أحدهما إلى الآخر روحيًّا، وإلى الله، فمِن الواجب أن يكونا صريحَين بشأن هذا الأمر. وهنا يجب أيضًا على الكنيسة أن ترعى رعاياها بما فيه الكفاية وأن تحثَّهم على أن يكونوا صادقين في هذا المجال — وذلك بمساعدتهم على اكتشاف فيما إذا كان أحدهما من نصيب الآخر — ومن ثم تنظر الكنيسة فيما إذا كانت علاقتهما تثمر بالأساس ثمارًا صالِحة، أو أنها مجرد علاقة غير مثمرة. ومما لا شك فيه أن إنهاء علاقة ما، أمر مؤلم، حتى لو لم يكُن هناك وعود، غير أن نهاية مؤلمة عند هذه المرحلة أفضل بكثير من ألم لا نهاية له، في علاقة لا جدوى منها.

لا يكون أيُّ اثنين من الشباب جاهزَين للخطوبة، إلاَّ عندما يتأكد كل منهما على حِدة في خلال وقت من الزمن، وفي غمرة نصائح الأهل ورعاة الكنيسة، من أن أحدهما ينتمي فعلاً إلى الآخر لمدى الحياة. ولا يكونان جاهزَين فعلاً لعقد رباط دائم للحياة بالخطوبة، ما لم يشعرا في أعماق قلبيهما بأن الشريك الآخر من نصيبهما، وبأن الله وحده هو الذي جمعهما.

بعد إعلان الخطوبة، يريد معظم الخاطبون والمخطوبات المشاركة التامة في حبهما، والتعبير عنه بنشاط في الأخذ والعطاء. إذ يكون قلبيهما موجَّهَين إلى محاولة جعل الآخر سعيدًا وراضيًا على أكبر قدر ممكن، وهما على استعداد لعمل أيِّ شيء لتحقيق هذا الأمر. ولكن يجب على الخطيبين أن يدركا، وأكثر من ذي قبل، أن قوة الحب أقوى بكثير منهما شخصيًّا، ويَتعيَّن عليهما التضرُّع لله يوميًّا ليقويهما، وليحافظا على ضبط أنفسهما.

أمَّا العناق الطويل والمداعبة وتقبيل الشفاه فلابد من تجنبها، إضافة إلى وجوب تجنب كل شيء آخر قد يؤدي إلى التهيُّج الجنسي. فالرغبة في الاقتراب الجسدي بين خطيبين أمر طبيعي، وبدلاً من أن يحوما حول هذه الرغبة، يجدر بالخطيبين تركيز جهديهما على التَّعرُّف أحدهما على الآخر، وتعميق مودتهما على المستوى الروحي، وتنمية محبتهما ليسوع وللكنيسة.

عندما يبدأ اثنان مخطوبان في التَّعرُّف أحدهما على الآخر، فإنَّ سيطرة المشاعر الجنسيَّة تمنع تطور العلاقة على أساس سليم. وبمجرد ظهور الجنس على المسرح، فإنه يسرق المشهد. إذ إنَّ الإثارة الجنسيَّة من طبيعتها الاستفحال والتزايد التدريجي؛ فبمجرد أن يبدأ المرء بها، فلا يرضى بالتراجع عنها أبدًا. وعندما يهيِّج شخصان أحدهما الآخر جنسيًّا، فإنهما يتورطان في نوع من أنواع المقدمات التي تسبق الجماع. وسواء اعترفا بذلك أو لم يعترفا، فإنهما يعدان أنفسهما نفسيًّا وجَسَديًّا للمجامعة الجنسيَّة. عندئذ سيكون أمامهما خيارين فقط: إمَّا إكمال السير في هذا الطريق إلى نهايته، وإمَّا أن يتوقفا عند تلك النقطة بمشاعر الإحباط والتدمير النفسي لكونهما قد تهيَّجا سَلَفًا ولم يشبعا. فلا يمكن للشهوة المشتعلة في داخلهما أن تَشبع دون اقتراف خطيئة. ولذلك، فالذهاب إلى «منتصف الطريق» أمر ضار ومؤذٍ؛ لأنه يتعارض مع بناء حرمة زوجية دائمة.

والزواج الذي يبدأ بضمير مُثَقَّل بخطيئة غير معترف بها، يُعتبَر زواجًا بدون أساس رصين، ولا يمكن تصحيحه إلاَّ بالاعتراف بالخطيئة والتوبة. لأن سلامة الزواج تتوقف على نوعية التربة التي ينمو فيها. فإذا زُرِعَ في تربة العفاف والإيمان، فسيحمل ثمرًا صالِحًا، وينال بركة الله.

أيها العزيزان، حاولا فهم روحيَّة ما أكتبه وليس حرفه. وليَسْعَ كل منكما إلى فهم ما في أعماق قلب الآخر، والتجِئا إلى المسيح بثقة مطلقة لالتماس الأجوبة لجميع تساؤلاتكما. فلن يفشل المسيح في إرشادكما إرشادًا واضحًا أبدًا.

 

هذه المقالة مقتطفة من كتاب: «دعوة إلى حياة العفة والنقاوة»