Subtotal: $
Checkoutعندما يتعذب المرء بسبب الأفكار والصور غير المرغوب فيها، إنما هو أمر يختلف تمامًا عن السعي إليها عمدًا. فالناس الذين يشاهدون عمدًا أفلام العنف، أو يقرؤون المجلات والمواقع الإباحية الخليعة، من أجل المتعة التي تمنحها لهم هذه الأمور، فإنهم ببساطة لا يصارعون التجربة وإغواء إبليس؛ بل إنهم يقترفون الخطيئة. وأنا أفترض بأن القارئ لا يبتغي تلك الأمور التي يعلم بأنها شريرة!
فعندما نستمتع بفكرة شريرة بمحض إرادتنا، فإننا نعبث بقوى الظلمة التي ربما لا ندرك مدى قوتها. فمن السهل على الناس (وهو أمر مألوف) أن لا يهتموا بهذه الفكرة وأن يقولوا: «إننا لا نؤذي بها أحدًا، أليس كذلك؟» أو أن يقولوا: «إنها مجرد في الفكر...» إلاَّ أن القول الإنجليزي المأثور: «الأفكار عملاقة» (أيْ أن الأفكار ذات تأثير جسيم) — لم يأتِ من فراغ. فبصورة عامة، تسعى الأفكار جاهدة إلى أن تتجسَّد فعليًّا على أرض الواقع بالأفعال، أمَّا إذا كانت أفكارًا شريرة، فستؤدي إلى أعمال شريرة. كما كتب القديس يعقوب الرسول في الإنجيل:
وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمُلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا. (يعقوب 1: 14–15)
إنَّ الأعمال الفظيعة المروِّعة، مثل الإبادة الجماعية التي تُرتكب بِحقِّ الناس، لا تحدث بين ليلة وضحاها؛ بل إنها ثمرة الشَّرِّ الذي بدأ يعمل سَلَفًا في الذهن. فقد سبق مجازر اليهود على سبيل المثال، قرون طويلة من التحامُل الظالم والافتراء على اليهود، دعْ عنك حملات التقتيل والذبح المنظمة التي كانوا يتعرَّضون لها بين فترة وأخرى، وأيضًا الاضطهاد بشتى أنواعه. أمَّا أعمال الشغب التي اجتاحت المدن الأمريكية الكبيرة في الستينيات، فهي الأخرى كانت نتيجة لتراكم الكثير من الأحقاد العنصرية المكبوتة على مدار مئات السنين. وقد أظهرت دراسات متعاقبة كثيرة، أن هناك صلة وثيقة بين جرائم العنف الجنسي والأفلام، التي يعترف مقترفوها بأنهم شاهدوها قبيل تنفيذهم لهذه الجرائم. وإنَّ مثل هذه الجرائم التي تسمى جرائم مُقلِّدة Copycat Crimes (وهي جرائم تُقترف اقتداءً بما يرونه في الأفلام أو الروايات) تبيِّن لنا بشكل صارخ وأسطع من نور الشمس أن الأعمال المشينة لها جذور في القلب والفكر.
عندما كنتُ شابًا، كنتُ أعرف أشخاصًا ألمانيين من بلدي، الذين كانوا غير مؤذين لدرجة كبيرة قبل قيام النازية — ناس «عاديين» ذوي خُلق «حسن» — ولكنهم وقعوا لاحقًا في براثن روح شريرة، فساقتهم تلك الروح النازية الشريرة إلى طريق الشَّرِّ. ورغم أن الكثيرين ماتوا بسبب احتجاجهم على ذلك الشَّرِّ، إلاَّ أن الغالبية العظمى من الناس سلموا أنفسهم إليها بكامل رغبتهم، سواء كان ذلك عن طريق الاشتراك الفعال بالمجازر الجماعية بِحقِّ اليهود، أو عن طريق دعم هتلر بأساليب أخرى، حتى لو كان مجرد عن طريق اللامبالاة الصامتة. فلم تكُن المسألة مجرد سيطرة حفنة من الرجال على كامل البلد – ألمانيا – فحسب، بل قامت الملايين من الناس بتسليم نفوسها بكامل رغبتهم إلى قوى الظلمة الشيطانية (المتمثلة بالنظام النازي).
بطبيعة الحال، غالبا ما تحصل الخطيئة المتعمَّدة على الصعيد الشخصي بدرجة كبيرة. وأكثر ما يقلقني بصفتي قسيسًا هو موضوع التنجيم، أو معرفة أسرار ما وراء الطبيعة، الذي صادفته كثيرًا أثناء تقديمي لخدمة المشورة. فعادة ما يُنظر إلى التنجيم بأنه مجرد أحد العلوم الذي يحتاج إلى دراسة. ولَمَّا كانوا يفترضون التنجيم أنه ضرب غير مُضرٍّ من ضروب الروحانيات، مثلما يفترضونه عن ممارسة الخرافات، كارتداء الخواتم الطبية، أو وقوع واهتزاز الطاولة أثناء تحضير الأرواح، أو التحدُّث مع الموتى، أصبح بإمكان هذه الممارسات عندئذ أن تربط الشخص بقوى شيطانية، حتى لو دخلها الشخص دخولاً بريئًا. وأنا أؤمن إيمانًا راسِخًا بوجوب رفضنا لهذه الأشياء رفضًا تامًا. إذ لا تمت هذه الأشياء بصلة إلى الإيمان الطفولي البسيط بيسوع المسيح.
أنا أعلم بوجود ناس يدرسون الشَّرَّ — وآخرين يحاولون اكتشاف جذوره، إضافة إلى محاولاتهم لكشف النقاب عن أسرار الشيطان. وقد يكون هذا الأمر مفهومًا، ولكن، أهو أمر يوافق مشيئة الله؟ ويبدو لي أيضًا في مجتمعات بلادنا أن هناك الكثير من الرجال والنساء من الذين قد ثقَّلوا كواهلهم بما يعرفونه عن جرائم القتل، والزنى، والخطايا الأخرى، وبما يَطَّلِعون عليه.
ويعبث الآخرون بمحض إرادتهم مع الشَّرِّ تحت شعار تجريب الأمر. ويحاول هؤلاء الناس في الحقيقة أن يفهموا حجج الشَّرِّ وذرائعه؛ ويدَّعون بأنهم يرفضون قبول الظلمة، ولكنهم من خلال اللهو به، تراهم واقعين في براثنه وقعة غير مسبوقة، وأكثر مما يتصورون.
فما دمنا نسمح لنفوسنا بإبقاء منفذ صغير يدعم ترددنا وعدم إيماننا القطعي — وما دمنا نعطي للشَّرِّ حتى ولو سيادة قليلة وجزئية على قلوبنا، ولا نقاطعه كُليًّا، لن نتحرر أبدًا تحررًا كاملاً من سطوته؛ وسيستمر إبليس في فرض سلطانه علينا. ولا أتكلم هنا عن موضوع التنجيم فقط، بل عن كل رذيلة تعاكس الله، كالغيرة، والحقد، والشهوة، والرغبة في التَّسلُّط على الآخرين، وجميع الخطايا الأخرى. وما دمنا نسرق عمدًا جزءًا من قلوبنا، حتى لو كان صغيرًا، ونحجبه عن تدخُّل الله في حياتنا، فإننا نعزل أنفسنا بذلك عن الرحمة التي يقدِّمها الله إلينا من خلال يسوع المسيح.
يجب بطبيعة الحال معاملة النفوس المنقسمة على ذاتها أو المترددة أو المرتابة معاملة رؤوفة — كما يفعل ذلك يسوع نفسه، حيث أنه «قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ.» (متى 12: 20) ولكني أؤمن من ناحية أخرى بأنه من الواضح أن يسوع المسيح في النهاية لا يمكنه أن يتسامح مع كل ما يُحزِن الروح القدس. فكان الرب يسوع المسيح وما يزال منتصرًا على إبليس وشياطينه انتصارًا كاملاً، وهو يطلب مِنَّا أن ننكب على الخدمة من كل قلوبنا، حتى لو كُنَّا في حرب ضارية مع الشياطين.
المقالة مقتطفة من كتاب «التحرر من الأفكار الأثيمة»
hani saad
د التحية و السلام في المسيح يسوع ربنا : شكرا لمجهودكم الرائع و متابعتي روحيا من خلال كتبكم الثمينة على قلبي و المفيدة - يعجبني عنوان الكتاب - الخطيئة المتعمَّدة- فهل أطمع في أن احصل على نسخة منه- وشكرا
nancy george
"لا يَكْسِرُ القَصَبَةَ المَرْضوضةَ،" وَ "لا يُطْفِىءُ الفَتِيلة المُدَخِّنةَ،" فعلا الرب شايف الفتيلة الصغيرة فينا لا يتركها بالعكس هو موجود معانا وهيساعد اى شخص لانه عارفه وعارف قلبه لانه صنع يديه فانا واثقه فيه وهذا الكتاب رائع التحرر من الافكار الاثيمة اكثر من رائع اشجع الجميع ان يحصلوا عليه .