Subtotal: $
Checkoutلِنَتَمَسَّكْ بِإِقْرَارِ الرَّجَاءِ رَاسِخًا، لأَنَّ الَّذِي وَعَدَ هُوَ أَمِينٌ. وَلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ ... بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَبِالأَكْثَرِ عَلَى قَدْرِ مَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ يَقْرُبُ. (عبرانيين 10: 23–25)
يسوع المسيح هو البداية والنهاية لملكوت الله. لذلك، يمكننا أن نقول بكل ثقة ويقين: «سيأتي المُخَلِّص ثانية!» فهو ملتزم بإتمام عمله. ومُهِمَّتنا ببساطة هي أن نكون خُدَّامًا له لغاية عودته، وأن نكون رهن خدمته — خدمة ذاك القدوس الآتي. إذ إننا ينبغي أن نقوم بتمثيل مجيء يسوع المسيح من خلال حياتنا هنا على الأرض إلى حدٍّ ما. لذلك، يجب علينا أن ننتبه من ناحية أخرى لِئَلاَّ نكون منشغلين ونشطاء جدًا، أو نقوم ببذل جهود جسيمة، كما لو أننا قادرون على تحقيق انتصار الخير في هذه الأرض بجهودنا البشرية. فنحن عاجزون تمامًا عن إنجاز هذا الأمر. فالرب يسوع وحده قادر على تحقيقه، ذاك الذي أتى أول مرة وسوف يأتي ثانية. وهو وحده الذي سوف يتمم الأمر — وليس نحن البشر. فإذا كُنَّا جادِّين بكامل الولاء والعزم في ما يلي: «سوف يأتي الرب ثانية،» فإنَّ البشارة بإنجيل الملكوت تصبح عندئذ أمرًا يَمَسُّنا شخصيًّا وحيًّا بالنسبة إلينا. فيجب أن لا نفصل هذه البشارة بالملكوت عن شخص المسيح أبدًا. فبدون حضوره الشخصي في حياتنا، فإنَّ أيَّ كلام عن الإنجيل، وأيَّ كلام عن ملكوته الآتي، لا قيمة له على الإطلاق.
لهذا يجب أن نكون مستعدين لمجيء يسوع المسيح، وهو ليس حدثًا سوف يحدث في المستقبل فحسب، بل أيضًا واقعًا حاضرًا في يومنا هذا عند أولئك الذين ينتظرون مجيئه إلى قلوبهم. ويُفترض بنا أن نكون خُدَّامًا مترقبين عودته. ولا يعني ذلك أننا نفكر في أنفسنا ونهتم بها ونرتب كل شيء ترتيبًا جيدًا لأنفسنا، وإنما يمكننا — بل يجب علينا — تأجيل همومنا الرئيسية لغاية مجيئه.
لدى خُدَّام الرب مُهِمَّة مزدوجة ذات شقين هي: أولاً، عليهم انتظار الرب، وهذا يعني أن يكونوا مجتهدين ويقومون بخدمة الرب أيًّا كانت هذه الخدمة، وثانيًا، عليهم أن يكونوا وكلاء أمناء. أمَّا انتظار المُخَلِّص فيتطلَّب وجود علاقة شخصية معه مثل أيِّ علاقة مع شخصٍ حيٍّ، الأمر الذي يجعل الإنجيل حيًّا ومفيدًا للحياة. غير أن هناك الكثير من الناس الذين ينتظرون دائمًا حصول شيء جديد في الديانة المسيحية، وكأن شيئًا ما يمكن تحقيقه من خلال إيمان جديد أو كنيسة جديدة. أمَّا نحن فلا شأن لنا بمثل هذه الأفكار. فإننا نتمسَّك بوعد الله بأن يهبنا مُخَلِّصًا شخصيًّا لكل واحد مِنَّا، الذي سيرسله الله كما أرسله مِن قَبل. ونحن، بكوننا أشخاصًا عاديين، نعلم بأننا غير قادرين تمامًا على أن نحيا بأمانة حياة مسيحية مُخْلِصة، ما لم يكُن مُخَلِّصنا يسوع المسيح معنا شخصيًّا لكي يقوِّينا على العمل بمشيئته.
فكل قوانا وكل ذكائنا، وكل مشاعرنا، ستزول مهما كانت حيَّة ونشيطة. فإنِّنا نعيش في زمان يحتضر:
لأَنَّ هَيْئَةَ هَذَا الْعَالَمِ تَزُولُ. (1 كورنثوس 7: 31)
فلا نريد أن نختبئ من هذه الحقيقة. فقوانا آخِذة بالتضاؤل. وتفكيرنا آخِذ بالعجز، وستزول كل انفعالاتنا العاطفية مهما كانت مليئة بالحيوية. ثم إنَّ ناموس الموت يغطي كل شيء نفعله ونفكر فيه ونشعر به. أمَّا الآن، فإنَّ ناموس الحياة يقتحم كل ما هو مَيِّتٌ، وهذا الناموس هو الرب يسوع المسيح نفسه، الذي ينفث بالحياة في داخل كياننا. فهو الوحيد الذي يحيا للأبد، الذي قام من بين الأموات، الذي يبقى على تواصل معنا من العالم الآخر، الذي يرسل إلينا الروح القدس، لَعَلَّنا نحيا في وسط احتضارنا، ولَعَلَّنا نستلم ثانية وبصورة مستمرة أمرًا صالحًا جديدًا وحيًّا بفضل عَطِيَّته، وبفضل حضوره، وبفضل مجيئه.
وحاشا لنا أن نتوقع مجيئه كما لو أنه أمرٌ لن يتحقق إلاَّ في نهاية الزمان، بل ينبغي أن يكون لدينا دائمًا رؤية متطلعة لمجيء المُخَلِّص في حياتنا هنا على هذه الأرض وفي هذه الساعة. فإنَّ يسوع المسيح سيأتي ثانية بالتأكيد. ويوم مجيئه يقترب، ولَعَلَّني في هذه الأثناء أشهَدُه في حياتي مرة ومرات، مثلما شَهِدْتُه مِن قَبل. ولَمَّا كان الإنجيل حياة وتعزية روحية بالنسبة إليَّ، فبإمكانه أن يأتيني ثانية. فهو يختفي ولكنه يعود. فلن يخذلكم يسوع أبدًا. فإذا استهل يسوع مرة أمرًا ما في داخل نفوسكم، فإنَّ ذلك الأمر سيعود بعدئذ إليكم دائمًا حاملاً معه بركاته، وإذا تمسَّكتم بذلك الأمر الذي وهبه لكم المسيح، أصبح نورًا يضيء لكم حياتكم، لَعَلَّكم تفرحون حتى في وسط أشد الضيقات — نعم وحتى عند الموت.
وَاثِقًا بِهَذَا عَيْنِهِ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. (فيلبي 1: 6)
فلا تتخلَّوا أبدًا عن التفكير بهذا: إنه آتٍ ثانية! لأن هذا التفكير هو ما يجعلكم خُدَّامًا. إذ إنَّ حياة يسوع المسيح على الأرض لم تذهب سدى على الإطلاق — لا، أبدًا، فحياته على الأرض مستمرة؛ فعندما نقوم بتوجيه قلوبنا كلها ومشاعرنا كلها إلى حياة المسيح، وعندما نقوم بانتظار المسيح واستلام أمر صالح جديد بفضل عَطِيَّته وحضوره ومجيئه، فإنَّ الله ينعم علينا بأن نصبح خُدَّامًا لحياة يسوع المسيح على الأرض.
وإنَّ الذين ينتظرون الرب، يفتحون قلوبهم له حين يأتي ويقرع:
هَأَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. (الرؤيا 3: 20)
فإنَّ يسوع المسيح حيٌّ. ويجب أن يكون اشتياقنا القلبي موجَّهًا إلى مجيء المسيح، مهما كانت أمور حياتنا مُحزِنة، ومهما بلغ حزننا الأرضي على أعزِّ الناس علينا من الذين نحبهم كثيرًا، الذين ربما يبارحون الحياة ويرحلون عَنَّا. إذ للرب يسوع أعلى منزلة عند المسيحي:
اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ، وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِي هُوَ الْبَدَاءَةُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ. (كولوسي 1: 15–18)
فالمسيح أهم من أيِّ شيء آخر. ورغم أننا محاطون بالأمراض، والضيقات، والموت، إلاَّ أن لا شيء من هذه الأمور مُهِمٌّ عندنا؛ ولا يمكن لأيِّ منها أن يملأ قلوبنا. لا، أبدًا. إذ إنَّ ذاك الحيَّ آتٍ! فهو أسمى من كل شيء، وإنه آتٍ بالتأكيد! فلأجل هذا نريد أن نحيا، ولأجل هذا نحن على استعداد لخوض المعاناة والخوف، ولأجل هذا نريد بذل قصارى جهدنا حتى الموت: إنه آتٍ! وهذه الحقيقة ثابتة وأكيدة عندنا، ونريد أن نحيا بنور هذه الحقيقة ما دمنا على هذه الأرض.
وبطبيعة الحال، إنَّ مُهِمَّة الخادم لا تقتصر على الانتظار وعدم القيام بأيِّ شيء. وإنما هي بالأحرى، مسألة ممارسة الوكالة التي عَهِدها الله إليهم. إذ تعني الوكالة الجيدة رعاية الخُدَّام للرعيَّة، أيْ أولئك الذين في رعايتنا. ولو كانت قلوبنا وأفكارنا كبيرة بما يكفي، فبإمكاني القول إنَّ كل الناس على وجه الأرض قد وضعهم الله في رعايتنا:
فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ. (غلاطية 6: 9–10)
فعلى خُدَّام المسيح أن يَمُدُّوا يدَ العون بعضهم إلى بعض وإلى كل الناس، فيما هم يتطلعون إلى مجيء المُخَلِّص يسوع المسيح ثانية. وينبغي عليهم أن يركزوا اهتمامهم على خلاص النفوس وشفائها وعلى فرحة الحياة الجديدة، لا على الدينونة الأخيرة. لأن يسوع المسيح جاء إلى العالم ليكون مُخَلِّصًا للناس من قيود الظلمة، ومساعِدًا لهم، لا ليحكم ويدين، ولكن بالأحرى لكي يشفي ويُصلِح حياة الناس وأحوالهم، لأن هذا ما ابتغاه الله في ولادة المسيح. فمنذ المجيء الأول ليسوع المسيح، احتضنت محبة الله العالم بأسره. فهي محبة لا تستثني أحدًا، حتى الملحدين. فقد احتضنت محبة الله الجميع، ومن خلالنا يمكنهم أن يصبحوا من أهل بيت الله. وهم أيضًا باستطاعتهم أن يقوموا بمُهِمَّات صالحة. ويمكننا أن نرى في زماننا هذا كيف يفعل الناس الكثير من الخير على هذه الأرض، فتتسهل أمور الحياة. فنرى كافة أشكال أعمال الرأفة على هذه الأرض، بفضل المعونات التي يقدِّمها الناس للآخرين، وبفضل الدائرة الأوسع لأهل بيت الله، الذين هم تحت رعاية خدام الله.
فالوَيلُ لنا إن بدأنا نحكم على غيرنا من الناس، أو ندينهم، أو نقطع كل الآمال من توبة واهتداء هذا العالم الخاطئ الذي جاء لأجله يسوع المسيح، الذي تألم ومات لأجله، الذي قام من بين الأموات لأجله، الذي سوف يأتي ثانية لأجله حقًّا.
لهذا يجب أن تكونوا وكلاء أمناء — وليس خُدَّامًا كسالى لا يفعلون سوى الانتظار، وإنما وكلاء مجتهدون. فهناك الكثير من العمل والخدمة. وهناك نفوس، في كل مكان من حولكم، قد عَهِدَها الله إليكم برعايتها، ناس يقودهم الله وإياكم معًا. وهم ربما ناس لا يزالون يعيشون بحسب الجسد إلى حدِّ بعيد. فقد يكونون: فردًا من الأسرة، أو ربما أقرب جارٍ لكم؛ حتى إننا ينبغي أن نرى شعوبًا بأكملها على أنها من «شعب الله،» وأن نحب الناس فيها كما يحبهم الآب السماوي. فيجب أن تفيض قلوبنا بالنوايا الصالحة والأمنيات الطيبة لهم، ونُفكِّر فيهم، ونُصلِّي إلى الله من أجلهم، ونرثي لحالهم، مثلما أن الآب السماوي لا يصنع سوى الخير لكل الناس. فقد قال المسيح ما يلي:
لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. (متى 5: 45)
فإننا نريد أن يكون شغلنا الشاغل كالآتي: لَعَلَّ قِوى الفداء والخلاص تنطلق من المُخَلِّص يسوع المسيح لتصل إلى عدد كبير جدًا من الناس، حتى لو لم يسعنا فهم ذلك، وحتى لو كان علينا الانتظار لفترة طويلة. غير أن الأبواب ستنفتح يومًا ما على مصراعيها. وستُحرَّر القلوب من سطوة الشرور. وسيحِلُّ سلامٌ جديدٌ وفرحٌ جديدٌ على هذه الأرض.[1]
وغالبًا ما يُحزِنني سماع ورؤية ناس كثيرين يُسَمُّون أنفسهم مسيحيين، بل حتى أني غالبًا ما أرى ناسًا يُسَمُّون أنفسهم مسيحيين حقيقيين، ولكنهم غير قادرين على أن يتمنَّوا الخير لكل الناس مثلما يتمنَّونه لأنفسهم. فما أقَلَّ الناس المملوئين بعَطيَّة الغفران الإلهية! فنرى بدلاً من ذلك أن معظمهم يجعلون أنفسهم مُتميِّزين عن الآخرين، ويستعلون عليهم من جراء اعتقادهم بأنهم أفضل منهم. ولكن إذا كُنَّا نترقَّب مجيء المُخَلِّص يسوع المسيح، فهذا معناه أننا نترقب بفارغ الصبر مغفرة خطايا العالم كله وليس خطايانا فقط.
وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا. (1 يوحنا 2: 2)
فما لم يتدفق اشتياقٌ كبيرٌ في قلوبنا إلى حصول جميع الناس على المغفرة لخطاياهم، والى أن يكون يسوع المسيح مُخَلِّصًا لهم جميعًا، فإننا لسنا بخدامٍ حقيقيين للمسيح. ورغم أننا قد نعرف مشيئة الله بشأن المحبة، والرحمة، والغفران، إلاَّ أننا مع ذلك نفشل في العمل بمشيئته، وذلك لأن محبة الله لا تحكم ولا تُسَيِّر حياتنا بالكامل. وسيعاقبنا الله على هذا. لأننا إذا لم نَحْيَ بالكامل بمحبة الله وغفرانه، وإذا لم تكُن العيون التي ننظر بها إلى العالم صالحة وطيبة، وإذا لم نستمر في محبة الناس الآخرين، فسيديننا الله، وسنجد أنفسنا في صف غير المؤمنين، سواء كان كلامنا ذا لهجة دينيَّة أو لم يكُن.
فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَلَّاتِكُمْ. (متى 6: 14–15)
فإنَّ الله لا يهتم بالكلام بل بالواقع. ويتألف الواقع الحقيقي للحياة المسيحية من المغفرة وتمني الخير للعالم كله، مهما بدا شريرًا وأحواله مُروِّعة. فإنَّ الله أعظم من كل الشرور، حتى لو نشبت الحروب وسُفِكَت الدماء، إذ إنه يتمم مشيئته الصالحة. وسوف تنتهي الخطيئة في النهاية. وإنَّ الذي سوف يأتينا في النهاية هو عدل الله وحقه ومحبته.
ولا يمكنني أن أحيا ساعة واحدة دون أن أفكر في هذه الطِّلْبَة: تعال أيها الرب يسوع! وإذا استطعنا جميعنا أن نفكر في هذه الطِّلْبَة — حتى عندما تكون هناك مشكلة في بيوتكم وفي قلوبكم — فسنكون حينئذٍ كلنا واحِدًا، وسيُعطَى لنا الاستمرار في أن نرى قوات الله باعتبارها شاهِدًا لذاك الرب الآتي. إذ إنَّ التقوية العجيبة التي تأتينا من الله، مثل تلك التي تأتينا في خلال آلامنا، واحتضارنا، وفي الحقيقة في خلال كل شيء، ستصبح شهادة لقدرة الله. وهكذا، فإننا نُذَكِّر أنفسنا بأن المُخَلِّص سيعود. فهل تكون عودته في الهزيع الأول أو الثاني من الليل؟ أمَّا نحن فلا نسأل كيف ومتى. إذ يمكنه الدخول في أيِّ لحظة. لذلك، دعونا نختبر قوته الإلهية ما دامت مُتاحة لنا، وإذا فعلنا ذلك، تمكنَّا من أن نحيا جزءًا من مستقبله الآن في وقتنا الحاضر.
لا توجد أيُّ قيمة في أيِّ معونة قد نتلقاها من الله، عندما تكون خارج سياق مجيء يسوع المسيح. ومن هذه الأمور أيضًا، نرى الإنعامات الإلهية توهب للناس في أماكن كثيرة في العالم. فيمكن لله مثلاً أن يشفينا جسديًّا، أو ينعم علينا بإنعامات حياتية أو مادِّيَّة متنوعة، ولكن عندما لا يستخدم الناس هذه الإنعامات لأجل تعزيز مجيء المُخَلِّص يسوع المسيح، فلا تحقق الغاية المرجُوَّة منها، وتصبح مجرد حدث زائل. فربما سنعيش مدة أطول، أو سنفرح لوقت قصير. وهناك الكثير من الناس الذين يلمِسون إنعامات الله ورحمته في حياتهم، لأن الله الآب يهب إنعاماته للجميع، كما يخبرنا يسوع المسيح:
فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. (متى 5: 45ب)
غير أن السؤال المهم هو: ما القصد الحقيقي من هذه المعونات؟ ولننتبه لئلا نظن أن معونات الله الآب هي لإسعادنا، لكنها في الحقيقة لتعزيز إرساء ملكوت الله على هذه الأرض. فعندما تكون لها علاقة بيسوع المسيح، ذاك الحيِّ، الذي هو البداية والنهاية، الألف والياء، الكائن، الذي كان، الذي يأتي، تصبح كل المعونات المُقدَّمة لنا جزءًا من الأبدية في داخل نفوسنا.
وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ. الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ. «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ» يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. (الرؤيا 1: 5–8)
عندئذ تجعلنا كل تلك المعونات شركاءً في الحياة الأبدية. لأن الحقَّ يقال إنه: لو فرضنا أننا لا نتلقى أيِّ معونة من الله، فمِن الواضح أننا ليس لدينا الكثير من الإيمان.
ولكننا عندما نفكر في عدد المرات التي جاءنا فيها المسيح واختبرناه في حياتنا الحالية، سيكون من العار أن نقول: «لقد خسرنا الأبدية؛ ولا يمكننا أن نحيا مع الله.» لا بالعكس، فنحن مليئون باختبارات من الله. إذ إنَّ كل يوم يجلب لنا شيئًا جديدًا، وقد أُعطِي لنا باستمرار أن نختبر قدرًا كبيرًا في كُلٍّ من حياتنا وحياة الآخرين، وعند كُلٍّ من الأحياء والمشرفين على الموت. نعم، لقد رأينا الكثير عن مجيء المُخَلِّص يسوع المسيح عند أولئك المشرفين على الموت. إذ تنفتح عيون الكثيرين بإشراقٍ في آخر ساعة من حياتهم، لأن المُخَلِّص في طريقه إليهم. وهكذا نشعر بملء التعزية الروحية والفرح، وتنشد هذه الترنيمة بلا انقطاع في داخلنا: «سيعود يسوع؛ فإنَّ يومه يقترب!» ويجب علينا أن ندع هذه الترنيمة تحيط بحياتنا وتغلفها بصوتها المُقدَّس، لَعَلَّنا نكتسب ثقة وقوة متزايدة.
فَلْنكُنْ مُتَّحِدين وأقوياء، لأن المُهِمَّة التي سَلَّمَها لنا يسوع المسيح ليست كبيرة جدًا علينا. فهي ليست أكبر من نطاق قدرتنا على إتمامها. فربما نرتكب أخطاءً. وربما نفعل أفعالاً —بغير معرفة — بحيث نستحق التأديب والتوبيخ عليها. غير أن الله رؤوفٌ. فقد جعلنا خُدَّامه، ونريد أن نبقى خُدَّامه. ولكوننا خُدَّامه، فإننا ماضون لاستقبال يوم المسيح، ذلك اليوم العظيم والقدير. ومع ذلك، سوف يأتي هذا اليوم إلى العالم كله، فإنه يوم المسيح، الذي سوف يُظهِر لنا شخصية الله، ويملأنا أيضًا بالمزيد من الفرح الأبدي.
هذه المقالة مقتطفة من كتاب «في انتظاره فعل»
د. جاجان جمعة محمد
أشكر لكم جهودكم الرائعة في نشر وتوزيع هذه المقالات الرائعة والهادفة إلى التربية الروحية السليمة . قليبارك الرب عملكم ، وتقبلوا تحياتي .
قدوري عبدالقادر
أشكركم جزيل الشكر على الإفادة ، فأنا مهتم بالتربية الروحية المنصوص عليها في أديان العالم