My Account Sign Out
My Account
white candles burning in the dark

منع الحمل والإجهاض

الحرب الخفيَّة

بقلم يوهان كريستوف آرنولد Johann Christoph Arnold

13 فبراير. 2025
4 تعليقات
4 تعليقات
4 تعليقات
    أرسِل
  • زهرة

    سبب منع الحمل و الاجهاض خاصة في بلاد الغرب هو بسبب عدم الزواج الشرعي بين المرأة و الرجل فهم يعيشون مع بعض لكن دون زواج شرعي لهذا لاينجبون اولاد فلو انجبوا اولاد لانفصلا

  • adham miran

    اتصور انه موضوع مهم جدا بحق اجيالنا وبحق رب الملكوت الذي اعطانا الحياة. الآيات الواردة في المقال تمهد أمامنا فرصة للتأمل وإعادة العلاقة مع الله والعمل بمشيئته وضبط الغريزة الانانية وأشباعها التي بانفلاتها يصل الانسان الى حد ارتكاب الشر والقتل بخلاف الحياة النقية التي يريدها الله لنا. مقال مهم فيه شواهد قيمة من الكتاب المقدس التي تردع قتل الجنين. وشكرا

  • قنوت لبابنه

    تكملة للتعليق السابق ..فعندما يفكرا الزوجان ويقررا ويستعدا لقدوم طفل ..تبدأمرحلة الحمل لدى الزوجة وأكيد ستكون سعيدة بهذا الحمل لأنه كان نتيجة زرع طيب ..روي بالمحبة والحنان والإحترام والمودة والرحمة..ولا يجب على كلا الزوجين أن يستاءوا من قدوم هذا الطفل ويقررا التخلص منه عن طريق ((قتله)) بطرق الإجهاض ووسائل أخرى كتناول نوع من الأدوية وغيرها التي تساعد على التخلص من هذا الجنين البريء..وعليهما أن يعلما أن هذا الفعل يغضب الله تعالى منهما عندما يقوما بإزهاق روح بريئة حرّم الله تعالى قتلها ..وأن هذا الجنين هبة وأعطية من الله تعالى بعثها لهما فعليهما أن يستقبلا هذه الهبه بالحمد والشكر والترحيب الكامل بهذا الجنين..وجميل منهما كزوجين ..أن يتفقا على التنظيم و المباعدة لا ((التحديد)) بين الحمل والآخر ..وذلك حتى يُعطى كل طفل حقوقه وحاجياته جميعها من:حضانة :اي أن تكون الحضانة من قِبل الأم لا المؤسسات التي تزعم التربية والتعليم ..هذه الفترة الطفل يكون بحاجة بها لصدرها وحضنها أكثر من أي فترة أو مرحلة قد تمر عليه .. أيضاُ..الرضاعة: يُستحب أن الطفل يتغذّى على لبن وحليب أمه..لِما في الرضاعة من فوائد كثيرة وطيبة تعود على هذا الطفل ..وهي زرع أواصر المحبة والحنان والمودة والألفة والسكينة في نفس هذا الطفل ..تقوية علاقته بصلة رحمه ..بره وصلته لوالديه ..تساعد الرضاعة الطبيعية على إيجاد طفل ذكي وتُنشط عنده مراكز الذكاء..الرعاية :الكافية من قِبل الوالدين ..المتابعة ..الإهتمام به ..الرقابة ..منحه الثقه ..مساعدته على بناء وصقل شخصيته وتنميتها..محاورته في الأمور التي تخصه كفرد في هذه الأسرة..إحترام رأيه والثناء عليه ..إعطاءه فرصة من قبلهما لسماعه ..توفير كل حاجياته ..من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وعلاج ..تعويده على نظام معين وإستغلال أوقاته بالشيء الذي يعود عليه بالنفع والفائدة.. تحديد وقت معين للعب وإحترام هذا الشيء به لأنه طفل ومن حقه أن يمارس حق اللعب ..لأن الطفل الذكي على الأغلب اللعب يقوده إلى الإختراع والإكتشاف وحب الإستطلاع ..وهذا ما يجب أن يُعززا ويُفعّلانه به..وزرع الوازع الديني به وحب الله والأنبياء صلوات الله عليهم جميعاً ..ودائما يشعرانه بأنه أجمل هدية الله تعالى بعثها لهما وهما سعيدان جداً بقدومه ومشاركته لهما في الحياة..ودائماً ..يتذكرا بأن غيرهما حُرما من هذه النعمة التي يتمنّوا الحصول عليها.. ويجب أن يتقبلا قضاء الله وقدره..وإذا أبتُليا بطفل غير سليم..أيضاً ..يجب عليهما أن يحمدا الله تعالى على أعطيته وأن لا يُفكرا بالتخلص من هذا الجنين ..مع أنه يجب إجراء الفحوصات الكاملة واللازمة قبل الزواج وبعد الزواج قبل الإنجاب وإذا تبيّن أن هناك مشكلة في أحدهما أو كليهما فعليهما أن يُخضعا أنفسهما للعلاج حتى يتم التخلص من المشكلة تماماً ..وبعدها يستعدا لمرحلة الإنجاب ..هذا ما يجب عليهما فعله من البداية وأن لا يتم اللجوء للتخلص من هذا الجنين ..وبما أن الله حرّم قتل نفس بريئة كتب الله لها الحياة ..أيضاً..يجب أن يكون موقف الطب كذلك وأن لا يُبيحا هذا لا في الدين الإسلامي ولا الدين المسيحي..أيضاً..موقف القانون من مسألة الإجهاض ..لم يسمح بها ..واعتبرها جريمة يُعاقب عليها القانون ..لأن بها إزهاق روح حرّم الله تعالى قتله ..واعتبرها من جرائم القتل العمد..الأطفال عالم جميل ..وجميل جداً ..بتصف بالبراءة والصدق والصفاء واالطهارة والنقاء والمشاعر الصادقة والبساطة والعفوية والجرأة في التعبير عمّا يجوول في خواطرهم .. فدائماً..على الأبوين أن يُفكراكيف يحافظا على هذه النعمة والهبة الجميلة..وشكراً..

  • salah younis shaba araboo

    إن قتل نفس مع سبق الاصرار هي جريمة كبرى تستحق المحاكمة، وهنالك مئة طريقة وطريقة لتلافي جرم كهذا.

لأَنَّكَ أَنْتَ جَذَبْتَنِي مِنَ الْبَطْنِ. جَعَلْتَنِي مُطْمَئِنًّا عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي. عَلَيْكَ أُلْقِيتُ مِنَ الرَّحِمِ. مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلَهِي. لاَ تَتَبَاعَدْ عَنِّي لأَنَّ الضِّيقَ قَرِيبٌ. لأَنَّهُ لاَ مُعِينَ. (مزمور 22: 9–11)

قبل قرن من الزمان تقريبًا، وردًّا على فكرة ما يُسمَّى بتنظيم الأسرة «الحديث،»[1] كتب ايبرهارد آرنولد قائلاً: «تتمنى عائلاتنا أن تُرزَق بأكبر عدد من الأولاد بحسب مشيئة الله. ونمجد قوة الله الخلاَّقة التي تنعم علينا بعَطيَّة الإنجاب، ونرحب بالعائلات الكبيرة ذات الأولاد الكثيرين باعتبارها واحدة من عطاياه الثمينة.»

ماذا كان ايبرهارد آرنولد سيقول اليوم في عصر صار فيه منع الحمل ممارسة مألوفة، وقتل ملايين الأجِنَّة مُباحًا قانونيًّا كل عام قبل ولادتهم؟ فأين هي فرحتنا بالأطفال وبالحياة العائلية؟ وأين هو امتناننا بما يرزقنا الله من عطايا؟ وأين هو توقيرنا للحياة ورحمتنا على أولئك غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم؟ أمَّا يسوع المسيح فيعلن بأجلِّ وضوح أنه لا أحد يمكنه دخول الملكوت ما لم يصبح هو أو هي كالطفل.

ممارسة الجنس دون احترام هِبة الحياة لمولود جديد أمرٌ باطِلٌ

لا تتعارض الثقافة الفاسدة لزماننا المعاصر مع الروحيَّة الطفولية البريئة فحسب، بل تتعارض أيضًا مع الأطفال أنفسهم. إذ إنها روحيَّة الموت، ويمكن رؤيتها في كل مكان في المجتمعات المعاصرة: فنراها في ارتفاع معدلات جرائم القتل والانتحار، والعنف الأسري الواسع الانتشار، والإجهاض، وعقوبة الإعدام، وما يسمى بالقتل الرحيم.[2] وتبدو ثقافتنا المعاصرة أنها مصممة على المضي في طريق الموت، وعلى بسط يدها على ما هو من شأن الله.

والذنب ليس ذنب الدولة فقط. فكم كنيسة تجيز قتل الأجِنَّة بحجة دعم حقوق المرأة؟ لقد زرع «التحرر» الجنسي في مجتمعات بلادنا دمارًا هائلاً. فهو تحرُّر زائف مبني على السعي الأناني إلى إشباع الغرائز والمُتع. ويتجاهل التحرر الجنسي التأديب، وضبط النفس، وتحمُّل المسؤولية، وما تجلبه هذه الفضائل من تحرر حقيقي. ووفقًا لِمَا يصفه أستاذ اللاهوت الجامعي الأمريكي ستانلي هاورواز Stanley Hauerwas فإنَّ هذا التحرر الزائف يُمثِّل «افتقارًا إلى اليقين في أعماق كياننا من أننا لا نملك أيَّ قيم ومبادئ صالِحة تستحق توريثها إلى الجيل الجديد، ... فنحن راغبون في موتنا.»

والحقيقة بكل بساطة هي أن الغالبية الساحقة من الناس في يومنا هذا، وفي جميع البلدان، ليس لها وخز ضمير حينما يجري منع ولادة حياة إنسان صغير جدًا، أو إزالتها من الوجود قبل الولادة. ثم إنَّ الأطفال الذين كانوا سابقًا يُعتبَرون أعظم بركة يهبها الله، صار يُنظر إليهم الآن نظرة مادِّيَّة على أساس تكاليفهم: فهم يُعتبَرون الآن مثل «عبء» وأيضًا «تهديد» لحرية وسعادة الفرد.

في الزواج الحقيقي هناك صلة وثيقة بين الحب الزوجي وإنجاب حياة جديدة لمولود جديد (ملاخي 2: 15). وعندما يصبح الزوج والزوجة جسدًا واحِدًا، فإنَّ زواجهما لابد أن يصاحبه دائمًا إدراك توقيري بأنه من خلال زواجهما قد يولد مولود جديد. وبهذا يصبح الزواج تعبيرًا عن الحب الخلاَّق الذي ينجب، وعهدًا يخدم الحياة. ولكن كم متزوجًا اليوم ينظر إلى الجنس بهذه الطريقة؟ أمَّا بالنسبة إلى معظم الناس، فإنَّ «حبة منع الحمل» قد جعلت المجامعة مجرد أمر عرضي وعادي، وبريء من أيِّ مسؤولية، ومن المفترض أن يكون خاليًا من العواقب.

ونحن المسيحيين، يجب أن نكون راغبين في التكلم جهرًا ضد عقليَّة منع الحمل التي أصابت مجتمعاتنا. لأن كثير من الأزواج اليوم استهوتهم العقليَّة السائدة بشأن الانغماس في الملذات الجنسيَّة، وبشأن تنظيم الأسرة وتحديدها عند الطلب ومتى ما شاءوا، ضاربين بفضائل ضبط النفس والتوكل على الله عرض الحائط. أمَّا ممارسة الجنس من أجل المتعة الجنسيَّة فقط، حتى لو كانت بالحلال ضمن الزواج، فسيرخِّص الجنس من شأن عَطيَّة الزواج من جهة، وسيعمل على تآكُل فضيلة التضحية بالنفس والنفيس لدى الزوجين من الجهة الأخرى، عِلمًا بأن هذه الفضيلة ضرورية جدًا في تربية الأولاد. فالانهماك في الملذات الجنسيَّة وكأنها هي هدف الزواج بِحدِّ ذاتها، دون اعتبار لِهِبة حياة مولود جديد، هو أمر باطل. وهذا معناه غلق الباب أمام الأطفال، وبالتالي احتقار كل من الهِبة والوهاب. وهو عكس ما ينطق به الله بلسان النبي أيوب:

وَقَالَ: «عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا.» (أيوب 1: 21)

وكما قالت الأم تيريزا ذات مرة:

إنَّ تدمير قوة الإنجاب بواسطة منع الحمل معناه أن كُلاًّ من الزوج والزوجة يقوم بإيذاء ذاته (هو أو هي). وهذا يحوِّل الانتباه إلى الذات، وعليه فهو يدمِّر عَطيَّة محبة الآخر، والعطاء في داخله أو في داخلها. أمَّا بالمحبة فيجب أن يحوِّل كل من الزوج والزوجة الانتباه من ذاتهما إلى الآخر، مثلما يحصل في التنظيم الطبيعي للأسرة، ويجب أن لا يُحوَّل الانتباه إلى الذات، مثلما يحصل في منع الحمل.

إنَّ منع الحمل يقوِّض تحقيق الهدف من الزواج والإنجاب، للزوجين اللذين صارا جسدًا واحِدًا. وبناء على ذلك، يجب أن نشعر بالاشمئزاز من السلوك الذي يدفعنا باستمرار إلى تجنُّب مسؤولية الحمل والإنجاب.

ولا نرمي من كل هذا إلى دعوة الناس إلى الإنجاب بصورة غير مسؤولة، أو الإنجاب على حساب صحة الأم وعافيتها. ثم إنَّ حجم الأسرة ومباعدة المدة بين الولادات مسألة في غاية الأهمية. ويقع على عاتق كل زوجين مسؤولية النظر في هذه المسألة أمام الله بالصلاة والتوقير لاسترشاد القرار الصائب لهما. لأن الولادات المتقاربة جدًا قد تُشكِّل حملاً ثقيلاً جدًا على الأم. وينبغي هنا أن يُظهِر الزوج احترامًا مليئًا بالمحبة والتفهُّم لزوجته في هذا الموضوع. وعلينا مرة أخرى التشديد على ضرورة التفات الزوجين إلى الله بإيمان ليضعا لديه كل مخاوفهما ومستقبلهما المجهول، كما يوصينا الرب يسوع المسيح:

اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. (متى 7: 7–8)

فإذا كُنَّا منفتحين حقًّا على إرشاد الله لنا، فأنا على يقين بأنه سيرينا الطريق ويأخذ بيدنا.

إجهاض أيِّ طفل سُخرية بالله

إنَّ عقليَّة منع الحمل ما هي سوى تجسيد لروح الموت، التي تجعل من الحياة الجديدة لمولود جديد غير مُرحَّب بها في بيوت كثيرة جدًا. فتوجد اليوم حرب خفيَّة تدور رحاها في كل بقعة من بقاع العالم، وهي حرب معادية للحياة. إذ يجري انتهاك الكثير من الأرواح الصغيرة وإبادتها بوسائل منع الحمل. أمَّا الأرواح التي لا تُمنَع من الدخول إلى العالم عن طريق وسائل منع الحمل، فهناك عدد مهول منها يجري القضاء عليه بدون رحمة بالإجهاض!

إنَّ تفشي الإجهاض في مجتمعات البلاد قد بلغ درجة كبيرة، حتى أن مذبحة هيرودس للأطفال الأبرياء (في زمن ولادة المسيح) أصبحت تبدو تافهة أمامها. فالإجهاض جريمة قتل — بدون أيِّ استثناءات. فلو كانت هناك استثناءات لأصبحت رسالة الإنجيل متناقضة مع نفسها وبدون معنى. ونرى حتى في العهد القديم من الكتاب المُقدَّس (وهو عن زمن ما قبل مجيء المسيح)، نراه يذكر بوضوح أن الله يكره سفك الدم البريء:

هَذِهِ السِّتَّةُ يُبْغِضُهَا الرَّبُّ وَسَبْعَةٌ هِيَ مَكْرُهَةُ نَفْسِهِ: عُيُونٌ مُتَعَالِيَةٌ، لِسَانٌ كَاذِبٌ، أَيْدٍ سَافِكَةٌ دَمًا بَرِيئًا، قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَارًا رَدِيئَةً، أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ الْجَرَيَانِ إِلَى السُّوءِ، شَاهِدُ زُورٍ يَفُوهُ بِالأَكَاذِيبِ، وَزَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ. (أمثال 6: 16–19)

إنَّ الإجهاض يقضي على الحياة، ويسخر من الله، لأن كل جَنين يُخلَق على صورة الله.

وتوجد آيات عديدة في العهد القديم من الكتاب المُقدَّس تتحدث عن حضور الله الفعال في كل حياة بشرية، حتى وهي لا تزال في طور التكوين جنينًا في الرحم. وجاء في سفر التكوين 4: 1 أن حواء بعد أن حملت وولدت ابنها قايين قالت: «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ،» ولم تَقُل اقتنيتُ رجلاً من آدم، بل «مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ.» ونقرأ في مزمور 139 في الكتاب المُقدَّس:

لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذَلِكَ يَقِينًا. لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا. (مزمور 139: 13–16)

وصرخ أيوب بخصوص خالق خادِمه، وبأن الذي خلقهما هو ذات الإله، قائلاً:

أَوَلَيْسَ صَانِعِي فِي الْبَطْنِ صَانِعَهُ، وَقَدْ صَوَّرَنَا وَاحِدٌ فِي الرَّحِمِ؟ (أيوب 31: 15)

وقال الله للنبي إرميا:

قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ. (إرميا 1: 5)

ونقرأ أيضًا في العهد الجديد من الكتاب المُقدَّس (وهو الإنجيل) أن الأجِنَّة يدعوها الله من قبل أن تولد:

وَلَكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ. (غلاطية 1: 15)

إضافة إلى ذلك، تم التنبؤ بمواهب الناس الفريدة عندما كانوا لا يزالون في بطون أمهاتهم. وربما نجد أروع الآيات عن الجنين في بشارة لوقا في الإنجيل:

فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.» (لوقا 1: 41–44)

هنا نرى جنينًا، وهو يوحنا المعمدان، الذي كان مُبَشِّرًا بمجيء يسوع المسيح، يتحرَّك في بطن أمه أليصابات دليلاً على اعترافه بيسوع المسيح، الذي حَبِلت به والدته السيدة مريم العذراء القديسة بقوة الروح القدس، قبل أسبوع أو أسبوعين فقط من زيارة مريم العذراء لِنَسيبَتها أليصابات. لذلك، أمامنا هنا جنينان: أحدهما لديه القدرة على التجاوب مع الروح القدس، والآخر — المسيح نفسه — حبلت به أمه بقوة الروح القدس:

وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ.» وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا. (متى 1: 20–23)

فمن الواضح لنا إذن أن الفكرة القائلة إنَّ الحياة الجديدة الصغيرة للجنين لا تتشكل ولا تتكون إلاَّ من خلال شيء مادي أو جسدي، إنما هي فكرة زائفة تمامًا. لأن الله هو الذي يعمل على إحلال الحياة في الرحم، وله كل الفضل في ذلك:

عَلَيْكَ اسْتَنَدْتُ مِنَ الْبَطْنِ، وَأَنْتَ مُخْرِجِي مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي. بِكَ تَسْبِيحِي دَائِمًا. (مزمور 71: 6)

أمَّا الإجهاض فيدمِّر عمل الله هذا دائمًا.

ولهذا السبب رفضت الكنيسة الأولى الإجهاض على صعيد عالمي، وأطلقت عليه اسم «قتل الوليد.» ولا يترك كتاب ديداخي،[3] أيَّ مجال للشك في هذا الموضوع، فيقول: «ولا تقتل طفلاً بالإجهاض.» أمَّا إكليمندس الإسكندري،[4] فكتب عن هذا الموضوع أيضًا، حتى أنه قال إنَّ كل الذين يشتركون في الإجهاض «يفقدون إنسانيتهم كُليًّا مع الجنين.»

فأين وضوح الكنيسة اليوم؟ إذ نرى أن حربًا من الوحشية والموت تُشَنُّ على الأطفال الأبرياء الذين لم يُولَدُوا بعد، وقد أصبحت هذه الحرب — حتى بين الذين يُسَمَّون مسيحيين — حقيقة واقعة، بفظائعها المُرَوِّعة، وأساليبها الهمجية المُتستِّرة تحت قناع الطب، أو القانون، أو حتى الحرب، التي يجري «تبريرها» بذريعة شتى أنواع الظروف التي يمكن تصوُّرها.

مَنْ نحن لنحكم فيما إذا كانت حياة طفل مرغوب فيها أو لا؟

أنا أعلم بأنه من غير المستحب قول إنَّ الإجهاض جريمة قتل. وأعلم بأن الناس سيقولون عني إنني بعيد عن الواقع — وأعلم أيضًا بأن بعض اللاهوتيين المسيحيين قد سمحوا ببعض الأعذار التي تبيح الإجهاض. ولكني أؤمن بأن الله لا يسمح بذلك أبدًا. فناموس الله ناموس محبة. ويبقى ثابتًا إلى الأبد مهما تغيرت الأزمنة والظروف: «لاَ تَقْتُلْ.» (خروج 20: 13)

إنَّ حياة الإنسان مُقدَّسة من الحمل إلى الموت. فإذا آمنا بهذا حقًّا، فلن نوافق على الإجهاض أبدًا مهما كانت الأسباب؛ ولن يثنينا عن موقفنا هذا أيُّ سبب أو حجة، حتى لو كانت من أكثر الحجج إقناعًا، سواء كانت حجة التقليل من درجة «نوعية المعيشة» (الخاصة برفاهية الأبوين)، أو التشوُّه الجسدي الشديد للطفل، أو التخلُّف العقلي للطفل. فمَنْ نحن لنقرر مصير الطفل، وفيما إذا سترى روحه الصغيرة النور أو لا؟ لأنه وفقًا لفكر الله، يمكن للإعاقة الجَسَديَّة والعقليَّة أن تُسخَّر لمجد الله، كما يعلمنا الرب يسوع المسيح في الإنجيل:

وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَانًا أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، فَسَأَلَهُ تلاَمِيذُهُ قَائِليِنَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هَذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ هَذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لَكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللَّهِ فِيهِ.» (يوحنا 9: 1–3)

وقال الرب أيضًا في الكتاب المُقدَّس:

فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «مَنْ صَنَعَ لِلْإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟» (خروج 4: 11)

 

كيف نتجرَّأ على أن نحكم ونقرر مَنْ هو المرغوب فيه ومَنْ هو غير المرغوب فيه؟ فلنتأمَّل في جرائم الرايخ الثالث (وهي الإمبراطورية الثالثة: ألمانيا النازية من عام 1933 – ولغاية 1945م) — حين كان يُسمح للأطفال الرضع من العرق النوردي «الصالِحين» بتربيتهم في حضانات خاصة، في حين كان المعاقون ذوو العاهات العقلية من الأطفال الرضع ومن الأولاد ومن البالغين يُرسَلون إلى غرف الغاز السام — فهذه الجرائم يجب أن تصير تحذيرًا كافيًا لنا. وكما كتب ديتريش بونهوفر:

إنَّ أيَّ تفرقة بين الحياة التي تستحق مواصلة الوجود، وبين الحياة التي لا تستحق مواصلة الوجود، ستعمل لا محالة على تدمير الحياة نفسها، عاجلاً أو آجلاً.

ليس الإجهاض حَلاًّ على الإطلاق، حتى لو كانت حياة الأم الحامل في خطر. ففي نظر الله، تتساوى قُدسِيَّة حياة كل من الجنين والأم. أمَّا اقتراف الشَّرِّ «ليتسنى للخير أن يأتي» فهذا معناه أننا نضع سيادة الله وحكمته في قبضتنا وفي تصرفنا:

وَلَكِنْ إِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُبَيِّنُ بِرَّ اللهِ، فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ اللهَ الَّذِي يَجْلِبُ الْغَضَبَ ظَالِمٌ؟ أَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ. حَاشَا! فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ الْعَالَمَ إِذْ ذَاكَ؟ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟ أَمَا كَمَا يُفْتَرَى عَلَيْنَا، وَكَمَا يَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّنَا نَقُولُ: «لِنَفْعَلِ السَّيِّآتِ لِكَيْ تَأْتِيَ الْخَيْرَاتُ»؟ الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ عَادِلَةٌ. (رومة 3: 5–8)

وفي مثل هذه المواقف العصيبة، يجب على الزوجين أن يلتجئا إلى طلب صلوات كنيستهم، مثلما يوصي الإنجيل:

أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ. أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ، وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ. (يعقوب 5: 13–15)

تكمن قدرة عظيمة وستر كبير في صلاة أيِّ كنيسة مُتَّحِدة فيما بينها، وأيضًا في ذلك الإيمان الذي يرجو أن تتم مشيئة الله في كل من حياة الأم وجنينها. وفي النهاية — أقولها بارتعاش — إنَّ أهم كل شيء هو أن يكون لدينا مثل هذا الإيمان؛ « ... لتَكُنْ مَشيئَتُكَ، ...» (متى 6: 10).

يجب أن نُقدِّم بدائل لا إدانة أخلاقية

لا يحقُّ لنا، نحن المسيحيين، أن نطالب بوضع حدٍّ للإجهاض من دون تقديم أيِّ بديل إيجابي لحل هذه المشكلة. وكتب ايبرهارد آرنولد قائلاً:

قد يطالب فلاسفة الأخلاقيات بأن تكون الحياة الجنسيَّة عفيفة عن طريق الإصرار على العِفَّة قبل الزواج وبعده.[5] ولكن سيكون حتى أفضل هؤلاء الفلاسفة مُرائيًا وظالِمًا، ما لم يُبيِّن بوضوح الأساس الفعلي والعملي لمثل هذه المطالب، حتى أننا لا يمكننا انتقاد الإجهاض بِحدِّ ذاته، إذا لم يكُن هناك إيمان بملكوت الله ... لأن نظام المجتمع بأكمله مندفع نحو التدمير والهلاك. وستستمر ثقافتنا المعاصرة — المحسوبة راقية — في ممارسة هذه المجزرة ما دامت مظاهر الفوضى الاجتماعية، وغياب العدالة، والإنصاف، باقية على حالها. ولا يمكن مكافحة قتل الأطفال، ما دامت الحياة الخاصة والعامة مسموح لها بالاستمرار في فوضويتها المعهودة السابقة.

وكل مَنْ يُرِدْ محاربة الرذيلة الأنانية للجشع وحُبِّ التملُّك، ومحاربة الخِداع الكامِن في ظلم الفوارق الاجتماعية، يجب عليه محاربتها بطريقة واقعية وعملية — بطريقة تُظهِر وتبرهن أن أسلوبًا مختلفًا من الحياة مُمكِنٌ، بل إنَّ هذه الحياة موجودة فعلاً على أرض الواقع. وإلاَّ فإننا لا يمكننا المطالبة بالعفاف في الزواج أو بوضع حدٍّ للإجهاض؛ حتى إننا لا يسعنا أن نتمنى لأفضل العائلات أن تتبارك بإنجاب أطفال كثيرين، مثلما ترمي إليه قوى الله الخلاَّقة.

نرى أن الكنيسة فشلت فشلاً ذريعًا هنا في هذا المضمار. فهناك الكثير من الأمهات المراهقات اللواتي يتواجَهنَ مع هذه المسألة يوميًّا، ومع ذلك لا يحصُلنَ على أيِّ إرشاد روحي وإيماني، ولا أيِّ دعم معنوي أو مادي. وتشعر كثيرات منهنَّ بأنه ليس لديهنَّ أيُّ خيار آخر سوى الإجهاض: لأنهنَّ إمَّا كُنَّ ضحيات المضايقات الجنسيَّة؛ وإمَّا يخشَينَ غضب الصديق Boyfriend؛ وإمَّا يلاقِينَ ضغوط الآباء والأمهات الذين يقولون لَهنَّ إنهنَّ إذا جِئْنَ بالطفل، فلن يمكن لَهنَّ العودة إلى البيت.

الكاتبة الأمريكية من الطائفة الأرثوذكسية فريدريكا ماثيوس–جرين Frederica Mathewes–Green تحدثتْ مرة مع جماعات من النساء كانت لَهُنَّ حالات إجهاض، فاكتشفت الكاتبة جوابًا أجمعت عليه تلك النساء بشأن السبب الكامن وراء اقترافهنَّ للإجهاض، ألا وهو الضغط السلبي الناجم عن العلاقات في كل حالة تقريبًا. فلا تريد النساء الإجهاض — كما تقول — بل يُرِدنَ الدعم والأمل. وتردف فريدريكا قائلة:

لقد وجدتُ أن المرأة تميل في الغالب إلى اختيار الإجهاض بسبب التزاماتها، إمَّا بأن ترضي الناس الذين تهتم بهم، وإمَّا بأن تحميهم. فغالبًا ما تكتشف المرأة بعد فوات الأوان أنه يوجد شخص آخر له عليها التزامات، وهو جنينها. أمَّا الحزن الذي ينتاب المرأة بعد الإجهاض، فينبع من مشاعر الذنب بأنها قد غدرت بطفلها غدرًا مميتًا، عندما كانت تعيش أزمة آنذاك، أي وقت اقترافها للإجهاض.

إنَّ تقديم الدعم والمساندة إلى النساء اللاتي يجِدْنَ أنفسهنَّ في حمل غير متوقع، يشتمل على الاستمرار بالقيام بكل ما تفعله مراكز رعاية الحمل: أيْ بمعنى توفير السكن، والرعاية الطبية، والملابس، والمشورة، وما إلى ذلك. ولكن يجب أن نتذكَّر أيضًا بأن نصبح بمثابة الصديق المخلص الذي يُكرِّس نفسه لخدمتهنَّ، وهي أهم مساعدة نُقدِّمها لَهنَّ، إضافة إلى بذل كل ما في وسعنا لإصلاح العلاقات ضمن عائلاتهنَّ.

في التحدُّث جهرًا ضد الإجهاض، علينا أن لا ننسى أن هناك خطايا أخرى تسبب الحزن والعذاب أكثر من الإجهاض. وليس هناك سوى عدد قليل جدًا من النساء اليوم من اللواتي يُقدَّم إليهنَّ حلول قابلة للتطبيق بديلة عن الإجهاض، ولكن ينعدم تقريبًا بين تلك الحلول البديلة أيُّ بديل يشير إلى الله، الذي هو وحده القادر على سدِّ حاجتهنَّ. إذ تعاني المرأة التي اقترفت الإجهاض من عذاب مبرح للضمير، ولا يمكن شفاء عزلتها وألمها غير المحدود إلاَّ عند الصليب — وإلاَّ بالإيمان بالمسيح، [لكي تنال مغفرة أكيدة لذنوبها، وتوبة نصوحة، وبداية جديدة مُفرِحة]. ويحتاج المسيحيون إلى أن يتحسسوا بهذا الألم الفظيع الذي تحمله الكثير من النساء في قلوبهنَّ على أطفالهنَّ المفقودين. فمَنْ مِنَّا يتجاسر على أن يرمي الحجر الأول؟ مثلما نرى في قصة الزانية التي أحضروها إلى يسوع المسيح لِتُرجَم. فنقرأ في الإنجيل ما يلي:

أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى الْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!» فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا.» (يوحنا 8: 1–11)

وَيْلٌ لنا إذا صار تعاملنا في يوم من الأيام فاتِرًا وقاسي القلب مع امرأة اقترفت إجهاض!

إنَّ الله يحب كل امرأة وكل جنين حُبًّا مُتميِّزًا جدًا. فقبل كل شيء، أرسل الله ابنه الوحيد، يسوع المسيح، إلى الأرض بهيئة طفل، من خلال رحم أُمٍّ. ومثلما أشارت الأم تيريزا قائلة إنه حتى لو انقلبت الأم على جنينها، فلن ينساه الله. فقد جَبَل الله كل طفل براحة يديه، ولديه خطة لحياة كل إنسان، لا في الدنيا فحسب بل في الآخرة أيضًا. أمَّا بالنسبة إلى أولئك اليائسات بالدرجة التي يدفعهنَّ اليأس إلى عرقلة خطة الله، فنقول لَهنَّ مع الأم تيريزا:

أرجوكِ لا تَقتُلي الطفل،

أريد الطفل.

أرجوكِ أعطِني الوليد.

 

هذه المقالة مقتطفة من كتاب: «دعوة إلى حياة العفة والنقاوة»



[1] يتضمن تنظيم الأسرة الحديث استخدام وسائل منع الحمل المختلفة للحدِّ من الإنجاب أو لتحديد النسل.

[2] القتل الرحيم هو قتل المرضى بالأمراض المستعصية بدعوى إراحتهم من الألم.

[3] كتاب ديداخي Didache ويُسمى أيضًا «تعليم الرب للأمم بواسطة الرسل الاثني عشر» — ويضم التعاليم الأولى للكنيسة لتعليم المهتدين الجدد، نحو سنة 100م.

[4] إكليمندس الإسكندري Clement of Alexandria كان من آباء الكنيسة الأولى (ولادة نحو 150م – وفاة نحو 215م).

[5] فلاسفة الأخلاقيات Moral philosophers هم المتخصصون في فلسفة الأخلاقيات Ethics or Moral Philosophy وهي فرع من الفلسفة التي تحاول وضع مبادئ صالحة من منظور بشري، والتوصُّل إلى أفضل وسيلة للعيش بمنطق بشري، وتحاول أن تجد حلولاً لمسائل الأخلاقيات البشرية، وذلك بتعريف المبادئ مثل الخير والشَّرِّ، والصح والغلظ، والفضيلة والرذيلة، والعدالة والجريمة. وهناك فرق كبير بين الأخلاق (Morals) والأخلاقيات (Ethics).


4 تعليقات