My Account Sign Out
My Account
photo of plate of food and mug of coffee

الوليمة العظيمة لملكوت الله

كل شيء مُهيَّأ

بقلم هاينريش آرنولد J. Heinrich Arnold

27 فبراير. 2025
0 تعليقات
0 تعليقات
0 تعليقات
    أرسِل

يُشَبِّه المسيح ملكوت الله بوليمة عرس في أكثر من مرة. فهو يدعو روح الإنسان لكي تتحد معه، ويريد أن يُقدِّم نفسه كُليًّا لكل شخص. فليس هناك ما يفوق بركات الدفء الروحي والرأفة والعطاء، التي ينعم بها الاتحاد مع يسوع. فإنَّ هذا الرباط الأسمى والأعز للروح مع المسيح، يمكنه أن يملأ أيَّ فراغ موجود في كيان الإنسان. فانظر إلى العديد من المؤمنين خلال مجرى التاريخ، كالذين تعذَّبوا في السجون لسنوات – بل حتى لعقود – من أجل إيمانهم. وبفضل النعمة الإلهية، يتسنى لكل واحد مِنَّا، الحصول على رباط المحبة هذا مع المسيح والاتحاد معه.

يتحدث يسوع في إنجيل لوقا 14: 16–20 عن أولئك الذين يرفضون دعوته إلى الوليمة، وذلك لأنهم يحبون ويُفضِّلون أشياء أخرى عليه. فالمسألة بالأساس هي أن يصبح كيان المرء مشدودًا كُليًّا للهدف قلبًا وقالبًا. فمن أجل أن نكون مملوئين كُليًّا من الله، ومتحررين كُليًّا لاِتِّباعه، يجب علينا تفريغ ذواتنا كُليًّا من أيِّ شيء آخر. أمَّا القلب المنقسم فيُشكِّل خطرًا كبيرًا يلهينا عن طريق الرب، خاصة عندما نكون مهتمين بأشياء أو بأشخاص يستحقون المحبة. فعندما لا تكون عيوننا الروحية موجَّهة نحو المسيح لوحده، يمكن حينئذ للأمومة والأبوَّة، والأسرة والأطفال، وحتى الحياة المسيحية المشتركة والحُب الزوجي، أن تصبح كلها بمثابة آلهة لنا، تستهلك محبتنا بسهولة.

مَثَل الوليمة

فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: «طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزًا فِي مَلَكُوتِ اللهِ.» فَقَالَ [يسوع المسيح] لَهُ: «إِنْسَانٌ صَنَعَ عَشَاءً عَظِيمًا وَدَعَا كَثِيرِينَ، وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي سَاعَةِ الْعَشَاءِ لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ: تَعَالَوْا لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ. فَابْتَدَأَ الْجَمِيعُ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ يَسْتَعْفُونَ. قَالَ لَهُ الأَوَّلُ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ حَقْلاً، وَأَنَا مُضْطَرٌّ أَنْ أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي. وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ أَزْوَاجِ بَقَرٍ، وَأَنَا مَاضٍ لأَمْتَحِنَهَا. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي. وَقَالَ آخَرُ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ بِامْرَأَةٍ، فَلِذلِكَ لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَجِيءَ. فَأَتَى ذلِكَ الْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِذلِكَ. حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ: اخْرُجْ عَاجِلاً إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ. فَقَالَ الْعَبْدُ: يَا سَيِّدُ، قَدْ صَارَ كَمَا أَمَرْتَ، وَيُوجَدُ أَيْضًا مَكَانٌ. فَقَالَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ: اخْرُجْ إِلَى الطُّرُقِ وَالسِّيَاجَاتِ وَأَلْزِمْهُمْ بِالدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِئَ بَيْتِي، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي.» (لوقا 14: 15–24)

يجب أن لا نُسَلِّم قلوبنا لغير الله. ويجب أن تصبح محبتنا لله والمسيح قوية جدًا بحيث نكون مستعدين لتقديم أيِّ تضحية كانت بكامل الفرح. ونصلِّي من أجل أن يقوينا الله على إماتة نفوسنا، حتى يتسنَّى للمسيح أن يشعَّ من خلالنا؛ على أن لا نعود نحيا لأجل أنفسنا، بل أن يحيا المسيح فينا.

أنا أتوق إلى التبشير الرسولي – أيْ بمعنى الذهاب إلى مفارق الطرق والأسوار، ودعوة الناس إلى الوليمة العظيمة لملكوت الله. إلاَّ أن كل يوم يُعاش في وحدة حقيقية، هو تبشير أيضًا. اِقرأ إنجيل الرسول يوحنا 17، حيث يقول يسوع، إنه من خلال الوحدة والمحبة بين التلاميذ، سيدرك العالم أن الآب قد أرسل يسوع المسيح. فليس هناك رؤية أكبر من هذه. فإذا لم نفعل سوى الجهاد للوصول إلى هذه الوحدة الحقيقية، فسيهبنا الله القوة للتبشير بكِلتا الطريقتين، وسيساهم فيهما كل عضو في الكنيسة.

وها هو نص إنجيل يوحنا 17:

تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا، إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ. وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.

«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ. وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ، لأَنَّ الْكَلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ، وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ، وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.

«مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ لَكَ. وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي، وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ. وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ، وَأَمَّا هؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ. حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهَلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ.

«أَمَّا الآنَ فَإِنِّي آتِي إِلَيْكَ. وَأَتَكَلَّمُ بِهذَا فِي الْعَالَمِ لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلاً فِيهِمْ. أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كَلاَمَكَ، وَالْعَالَمُ أَبْغَضَهُمْ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ، كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ، لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ. قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَقٌ. كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ، وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ.

«وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ.

«أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ، إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وَهؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ.» (يوحنا 17: 1–26)

هذه المقالة مقتطفة من كتاب «التلمذة للمسيح»

وإليك نبذة عن الكاتب «هاينريش آرنولد»

photo of plate of food and mugs of coffee
مساهمة من photo of J. Heinrich Arnold هاينريش آرنولد

ألا نستعد لكلمات المسيح لندعها تخترق أعماق كياننا – أم نستمر في وقاية نفوسنا منها ونقسّي قلوبنا تجاهها؟ فلا ندرك كم مرة وقفنا في طريق الله. لكن يمكننا أن نسأل الله أن يخترق أحشاءنا بكلمته الإلهية، حتى لو كانت مؤلمة.

اِقرأ المزيد
0 تعليقات