Subtotal: $
Checkoutيُشَبِّه المسيح ملكوت الله بوليمة عرس في أكثر من مرة. فهو يدعو روح الإنسان لكي تتّحد معه، ويريد أن يُقدِّم نفسه كليّا لكل شخص. فليس هناك ما يفوق بركات الدفء الروحي والرأفة والعطاء، التي ينعم بها الاتحاد مع يسوع. فإنّ هذا الرباط الأسمى والأعزّ للروح مع المسيح، يمكنه أن يملأ أي فراغ موجود في كيان الإنسان. فانظر إلى العديد من المؤمنين خلال مجرى التاريخ، مثل الذين تعذّبوا في السجون لسنوات – بل حتى لعقود – من أجل إيمانهم. وبفضل النعمة الإلهية، يتسنى لكل واحد مِنّا، الحصول على رباط المحبة هذا مع المسيح والاتحاد معه.
يتحدث يسوع في إنجيل لوقا 14: 16 – 20 عن أولئك الذين يرفضون دعوته إلى الوليمة، وذلك لأنهم يحبون ويفضّلون أشياء أخرى غيره. فالمسألة بالأساس هي أن يصبح كيان المرء مشدودا كليّا للهدف قلبا وقالبا. فمن أجل أن نكون مملوئين كليّا من الله، ومتحررين كليّا لاِتِّباعه، يجب علينا تفريغ ذواتنا كليّا من أي شيء آخر. ويشكِّل القلب المنقسم خطرا كبيرا يلهينا عن طريق الرب، خاصة عندما نكون مهتمين بأشياء أو أشخاص يستحقون المحبة. فعندما لا تكون عيوننا الروحية موجهة نحو المسيح لوحده، يمكن حينئذ للأمومة والأبوّة، والأسرة والأطفال، وحتى الحياة المشتركة والحُبّ الزوجي، أن تصبح كلها بمثابة آلهة لنا، تستهلك محبتنا بسهولة.
مَثَل الوليمة:
فلمَّا سمِعَ أحَدُ المَدعُوِّينَ هذا الكلامَ قالَ لِيسوعَ: «هَنيئًا لِمَن يَجلِسُ إلى المائِدَةِ في مَلكوتِ اللهِ! » فأجابَهُ: «أقامَ رَجُلٌ وَليمةً كبيرةً، ودَعا إلَيها كثيرًا مِنَ النّاسِ. ثُمَّ أرسَلَ خادِمَهُ ساعَةَ الوَليمةِ يَقولُ لِلمدعُوِّينَ: تَعالَوا، فكُلُّ شيءٍ مُهيَّأٌ! فاَعتذَرُوا كُلُّهُم. قالَ لَه الأوَّلُ: إِشتَريَتُ حَقلاً ويَجِبُ أنْ أذهَبَ لأراهُ، أرجو مِنكَ أنْ تَعذُرَني. وقالَ آخَرُ: إِشتَرَيتُ خَمسةَ فَدادينَ، وأنا الآنَ ذاهِبٌ لأُجرِّبَها، أرجو مِنكَ أنْ تَعذُرَني. وقالَ آخرُ: تَزوَّجْتُ اَمرأةً، فلا أقدِرُ أنْ أجيءَ. فرجَعَ الخادِمُ إلى سَيِّدهِ وأخبَرَهُ بِما جَرى، فغَضِبَ رَبُّ البَيتِ وقالَ لِخادِمِه: أُخرُجْ مُسرِعًا إلى شَوارِعِ المدينةِ وأزِقَّتِها وأدخِلِ الفُقَراءَ والمُشوَّهينَ والعُرجَ والعُميانَ إلى هُنا. فقالَ الخادِمُ: جَرى ما أمَرْتَ بِه يا سَيِّدي، وبَقِيَت مَقاعِدُ فارِغَةٌ. فأجابَهُ السَّيِّدُ: أُخرُجْ إلى الطُّرُقاتِ والدُّروبِ وألزِمِ الناسَ بالدُّخولِ حتّى يَمتَلئَ بَيتي. أقولُ لكُم: لَن يَذوقَ عَشائي أحَدٌ مِنْ أولئِكَ المَدعُوِّينَ!» (لوقا 14: 16–24)
يجب أن لا نُسَلِّم قلوبنا لغير الله. ويجب أن تصبح محبتنا لله والمسيح قوية جدا، بحيث نكون مستعدين لتقديم أي تضحية كانت بكامل الفرح. ونصلّي من أجل أن يقوينا الله على إماتة نفوسنا، حتى يتسنّى للمسيح أن يشعّ من خلالنا؛ على أن لا نعود نحيا لأجل أنفسنا، بل أن يحيا المسيح فينا.
أتوق إلى التبشير الرسولي – أي بمعنى الذهاب إلى مفارق الطرق والأسوار، ودعوة الناس إلى الوليمة العظيمة لملكوت الله. إلّا أن كل يوم يُعاش في وحدة حقيقية، هو تبشير أيضا. اِقرأ إنجيل الرسول يوحنا 17، حيث يقول يسوع، إنه من خلال الوحدة والمحبة بين التلاميذ، سيدرك العالم أن الآب قد أرسل يسوع المسيح. فليس هناك رؤية أكبر من هذه. فلو جاهدنا فقط للوصول إلى هذه الوحدة، فسوف يهبنا الله القوة للتبشير بكِلتا الطريقتين، وسوف يساهم فيهما كل عضو في الكنيسة.
إنجيل يوحنا 17:
وبَعدَ هذا الكلامِ، رفَعَ يَسوعُ عَينَيهِ إلى السَّماءِ وقالَ: «يا أبي جاءَتِ السّاعةُ: مَجِّدِ اَبنَكَ ليُمَجِّدَكَ اَبنُكَ، بِما أعطيتَهُ مِنْ سُلطانٍ على جميعِ البَشَرِ حتّى يهَبَ الحياةَ الأبديَّةَ لِمَنْ وهَبتَهُم لَه. والحياةُ الأبديَّةُ هيَ أنْ يَعرِفوكَ أنتَ الإلهَ الحَقَّ وحدَكَ ويَعرِفوا يَسوعَ المَسيحَ الّذي أرْسَلْتَهُ. أنا مَجَّدْتُكَ في الأرضِ حينَ أتمَمتُ العَمَلَ الذي أعطَيتَني لأعمَلَه. فمَجِّدْني الآنَ يا أبي عِندَ ذاتِكَ بِالمَجدِ الّذي كانَ لي عِندَكَ قَبلَ أنْ يكونَ العالَمُ. أظهَرتُ اَسمَكَ لِمَنْ وهَبتَهُم لي مِنَ العالَمِ. كانوا لكَ، فوَهَبتَهُم لي وعَمِلوا بِكلامِكَ. والآنَ هُم يَعرِفونَ أنَّ كُلَّ ما أعطَيتَني هوَ مِنكَ. بَلَّغتُهُمُ الكلامَ الّذي بَلَّغتَني فقَبِلوهُ وعَرَفوا حقَّ المعرِفَةِ أنِّي جِئتُ مِنْ عِندِكَ وآمنوا أنَّكَ أنتَ أرسَلتَني. أنا أُصلِّي لأجلِهِم، ولا أُصلِّي لأجلِ العالَمِ، بل لأجلِ مَنْ وهَبتَهُم لي لأنَّهُم لكَ. كُلُّ ما هوَ لي فهوَ لكَ، وكُلُّ ما هوَ لكَ فهوَ لي، وأنا أتمَجَّدُ بِهِم. لن أبقى في العالَمِ أما هُم فباقونَ في العالَمِ، وأنا ذاهِبٌ إلَيكَ. أيُّها الآبُ القُدُّوسُ، إحفَظْهُم باَسمِكَ الّذي أعطَيتَني، حتّى يكونوا واحدًا مِثلَما أنتَ وأنا واحدٌ. وعِندَما كُنتُ أنا مَعَهُم حَفِظْتُهُم باَسمِكَ الّذينَ أعطَيتَني. حَرَستُهُم، فما خَسِرْتُ مِنهُم أحدًا إلاَّ اَبنَ الهَلاكِ لِيَتمَّ ما جاءَ في الكِتابِ. والآنَ أنا ذاهِبٌ إلَيكَ. أقولُ هذا الكلامَ وأنا في العالَمِ ليكونَ لهُم كُلُّ فَرَحي. بلَّغتُهُم كلامَكَ فأبغَضَهُمُ العالَمُ لأنَّهُم لا يَنتَمونَ إلى العالَمِ كما أنا لا أَنتَمي إلى العالَمِ. لا أطلُبُ إلَيكَ أنْ تُخرِجَهُم مِنَ العالَمِ، بل أنْ تَحفَظَهُم مِنَ الشِّرِّيرِ. ما هُم مِنَ العالَمِ. وما أنا مِنَ العالَمِ. قَدِّسْهُم في الحقِّ لأنَّ كلامَكَ حقٌّ. أنا أرسلتُهُم إلى العالَمِ كما أرسَلتَني إلى العالَمِ. مِنْ أجلِهِم أُقدِّسُ نَفسي حتّى يتَقَدَّسوا هُم أيضًا في الحقِّ. لا أُصلِّي لأجلِهِم وحدَهُم، بل أُصلِّي أيضًا لأجلِ مَنْ قَبِلوا كلامَهُم فآمنوا بي. إجعَلْهُم كُلَّهُم واحدًا ليَكونوا واحدًا فينا، أيُّها الآبُ مِثلَما أنتَ فيَّ وأنا فيكَ، فيُؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلْتَني. وأنا أعطَيتُهُمُ المَجدَ الّذي أعطَيتَني ليكونوا واحدًا مِثلَما أنتَ وأنا واحدٌ: أنا فيهِم وأنتَ فيَّ لتكونَ وِحدَتُهُم كامِلَةً ويَعرِفَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلْتَني وأنَّكَ تُحبُّهُم مِثلَما تُحبُّني. أنتَ وهَبتَهُم لي، أيُّها الآبُ وأُريدُهُم أنْ يكونوا مَعي حَيثُ أكونُ لِيَروا ما أعطَيتَني مِنَ المَجدِ لأنَّكَ أحبَبْتَني قَبلَ أنْ يكونَ العالَمُ. ما عَرَفَكَ العالَمُ، أيُّها الآبُ الصَّالِحُ، لكِنْ أنا عَرَفْتُكَ وعرَفَ هَؤُلاءِ أنَّكَ أرسَلْتَني. أظهَرْتُ لهُمُ اَسمَكَ، وسأُظهِرُهُ لهُم لِتكونَ فيهِم مَحبَّتُكَ لي وأكونَ أنا فيهِم.» (يوحنا 17: 1 – 26)
هذه المقالة مقتطفة من كتاب «التلمذة للمسيح»
وإليك نبذة عن الكاتب «هاينريش آرنولد»