My Account Sign Out
My Account
Tropical Sunset

استعادة صورة الله

طريق المصالحة في العلاقات الزوجية

بقلم يوهان كريستوف آرنولد Johann Christoph Arnold

14 يناير. 2025

اللغات المتوفرة: English

1 تعليقات
1 تعليقات
1 تعليقات
    أرسِل
  • أدهم

    الرب يبارككم ، موضوع عميق ، مفيد للغاية لمعرفة علاقتنا الشخصيةً بالرب، وكيف نطلب من كل القلب لنجد الرب ويكون حاضرا في قلوبنا في كل وقت، مثلما حصل مع التلاميذ حينما حل الروح القدس، هكذا ينبغي ان نتعامل مع اله الكون .

وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ. وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ، ... إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ، فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. (2 كورنثوس 3: 17–18، 5: 17)

 

إنَّ علاقتنا بالله أهم من أيِّ علاقة بشرية. وكل العلاقات الأخرى مجرد رموز لها. فأولاً وقبل كل شيء، نحمل نحن البشر كلنا صورة الله، ويجب علينا أن نكُنَّ التوقير اللازم لهذه الحقيقة دائمًا.

وهناك أكبر أمل لكل إنسان، ولكل علاقة أو زواج، ألا وهو أن نعلم بأن صورة الله، حتى لو كُنَّا قد شوهناها وابتعدنا بأفعالنا عن الله، إلاَّ أن تمثيلاً باهتًا لصورته لا يزال باقيًا فينا. فرغم فسادنا، إلاَّ أن الله لا يريد لنا أن نفقد نصيبنا كمخلوقات خُلِقْنَا على صورته. لذلك أرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح — آدم الثاني — ليقتحم قلوبنا، بحسب ما يشهد له الإنجيل:

لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هَكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا. (رومة 5: 17–19)

فيمكن لكل رجل، وكل امرأة، وكل علاقة، استعادة صورة الله بفضل يسوع المسيح.

 

يسوع المسيح يفتح الطريق إلى الله وبعضنا إلى بعض

إنَّ يسوع المسيح هو المُصالِح الإلَهِي: لقد جاء ليصالحنا مع الله ومع الآخرين، ويقضي على التنافر الروحي في حياتنا، كما يقول الإنجيل:

لِذَلِكَ اذْكُرُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الأُمَمُ قَبْلاً فِي الْجَسَدِ، الْمَدْعُوِّينَ غُرْلَةً مِنَ الْمَدْعُوِّ خِتَانًا مَصْنُوعًا بِالْيَدِ فِي الْجَسَدِ، أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ عَنْ رَعَوِيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَغُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ الْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ وَبِلاَ إِلَهٍ فِي الْعَالَمِ. وَلَكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ، صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ. لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَانًا وَاحِدًا جَدِيدًا، صَانِعًا سَلاَمًا، وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ. فَجَاءَ وَبَشَّرَكُمْ بِسَلاَمٍ، أَنْتُمُ الْبَعِيدِينَ وَالْقَرِيبِينَ. لأَنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ. فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ. (أفسس 2: 11–19)

عندما تخور عزيمتنا أو نكتئب، يجب علينا أن نسعى إلى الله أكثر من أيِّ وقت مضى. وكل مَنْ يبحث عن الله يجده. وهذا وعدٌ. ويقول الله بلسان إرميا النبي:

 وَتَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ. (إرميا 29: 13)

وإليكم الكلمات الرائعة ليسوع المسيح في الإنجيل:

لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. (لوقا 11: 10)

إنَّ هذه الكلمات ما تزال صادقة وسارية المفعول حتى في يومنا هذا، وإذا أخذناها بجِدِّيَّة، أصبح الله حيًّا في قلوبنا.

فالطريق إلى الله مفتوح لكل شخص. ولا يُستثنى أيُّ بشر من هذه العَطيَّة، لأن يسوع المسيح جاء كإنسان وسكن بيننا. وقد أرسله الله ليستعيد صورته فينا. وحصلنا به على الآب. ولكن هذا لا يحدث إلاَّ عندما يصبح اختبار يوم الخمسين (يوم حلول الروح القدس على الكنيسة الأولى) حقيقة مُتوهِّجة في حياتنا؛ أيْ بمعنى: إلاَّ عندما نختبر التوبة الشخصيَّة والهداية والإيمان.

إنَّ أعجوبة يوم الخمسين، حينما نزل الروح القدس إلى الأرض بكامل القوة وبكامل المحبة، يمكن لها أن تحدث في أيِّ مكان في العالم، وفي أيِّ زمان. ويمكن لها أن تحدث أينما يوجد ناس يصرخون: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟!»[1] (أعمال 2: 37) ويمكن لها أن تحدث أينما يكونون على استعداد لسماع الجواب العريق للقديس بطرس الرسول:

تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، ... اخْلُصُوا مِنْ هَذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي! (أعمال 2: 38، 40)

التحرر يأتي بفضل الاستسلام لله وليس بفضل الاجتهاد البشري

لا يمكننا الحصول على الغفران والخلاص إلاَّ عند الصليب. فإننا عند الصليب نجتاز بالموت أيْ بمعنى موت إرادتنا البشرية الذاتية. وهذا الموت يحررنا من أيِّ شيء يعيق شركتنا مع الله ومع الآخرين بل يجدد علاقتنا معهم. وعندما نترك الخطيئة والشَّرَّ اللذين قد استعبدانا، سنتحرر بفضل يسوع. فلا يمكننا أبدًا تحرير أنفسنا أو إصلاحها باجتهادنا البشري الذاتي. وكل ما يمكن أن نفعله هو الاستسلام كُليًّا ليسوع المسيح ولمحبته، لكيلا تعود حياتنا تنتمي إلينا بعد الآن وإنما إليه هو.

كتب والدي هاينريش آرنولد Heinrich Arnold (وكان من أحد خدام الكلمة في كنيستنا) قائلاً:

 إذا أردنا الشفاء من الجروح التي تصنعها مكايد إبليس وسهامه فينا، ... وجب أن يكون لدينا الثقة المطلقة نفسها في الرب يسوع، مثلما كانت ثقة يسوع في الله الآب، ... وعمومًا، فإنَّ كل ما عندنا هو خطايانا، ويجب أن نضع خطايانا أمامه بثقة كاملة، كثقة الأطفال المطلقة بأبيهم. حينئذ ينعم الرب علينا بالمغفرة والطهارة وسلام القلب؛ وستخلق فينا هذه النعم محبة لا يمكن وصفها.

فماذا يعني قول «وضعُ خطايانا أمامه بثقة كاملة؟» إنَّ عملية التحرر من قيود الخطيئة وإمكانية المصالحة تبدآن عندما نعترف بالاتهامات التي يوجهها ضميرنا إلينا. فعادة ما تعيش الخطيئة في الظلام والخفية وتود البقاء هناك. ولكن عندما نُخرِج خطايانا التي تُثقِل كاهلنا إلى النور ونعترف بها من دون أن نُخبِّئ شيئًا، سنتنقَّى ونتحرر. والقصة التي تحكيها لنا دارلين Darlene — وهي من إحدى معارفي — توضِّح لنا ذلك، فتقول دارلين:

عندما أصبحتُ في الصف التاسع، اخترتُ «زوج المستقبل.» وقضيتُ ساعاتي أكتب بالخفية رسائل له في دفتر مذكراتي فقط، وصرت أحلم به، وأراقب بيته أملاً في أن أراه من خلال النافذة. ولكنه تزوج بعد عدة سنوات من فتاة أخرى، فانهار عالمي الخيالي الذي كنتُ أعيش فيه.

وأثناء دراستي في المدرسة الثانوية، حاولتُ أن أكون جزءًا من التيار الملتزم، وحريصة دائمًا على ما أقول وأفعل وألبس. ولكن بمرور الوقت، ولغاية تخرجي، تغيرتُ تدريجيًّا، وأخذتُ أعبث مع عدد لا يحصى من الفتيان، ورغم إحساسي بالذنب تجاه هذا بفضل نشأتي وتربيتي، إلاَّ أني اخترتُ مجرد أن أتجاهل هذا الإحساس. فقَمَعتُ ضميري المُحتَّج، وأقنعتُ نفسي بأني قادرة على التعامل مع أيِّ موقف كان.

وبعد المرحلة الثانوية، سافرتُ إلى إسرائيل، رغبة مني في أن أقضي عامًا في «كيبوتس.»[2] وفي البداية صُدِمْتُ بسبب الحفلات المستمرة للمراهقين هناك وانغماسهم في الجنس، ولكني سرعان ما وجدتُ نفسي أندمج في الأجواء، وأرتاد غرف الشباب، وأذهب إلى حفلات الشرب ومراقص الديسكو مثل أيِّ شخص آخر منهم. وقلتُ لنفسي: «يمكنني أن أنسحب من هذا الجو في أيِّ وقت أشاء.» ولكن ما هي إلاَّ أسابيع حتى انخدعتْ نفسي مع فتى قال لي إنه يحبني حُبًّا حقيقيًّا. وكنتُ في الحقيقة أريد أن أُصدِّقه، حتى أني وقعت في غرامه، رغم علمي بأنه كان «دون جوان Don Juan» المحلة — أيْ بمعنى آسر وعاشق الفتيات الأخريات. وبدأتُ أحِسُّ بالذنب أكثر فأكثر؛ ورأيتُ أني أفعل بالضبط ما كنتُ أظن أن لديَّ القوة على مقاومته. ثم إني أُصِبت بالذعر عندما رأيتُه بعد عدة ليالي مع فتاة أخرى.

فرجعتُ إلى بلدي، وفي خلال العامين التاليين، ظننتُ أني تجاوزتُ مشكلتي وتغلبتُ عليها، ولكن الأمر لم يكُن كذلك، فقد سقطتُ ثانية.

فقد وعدني رجل بمستقبل رائع، وظَلَّ يردد على مسامعي كم كان يحبني، وكم كنتُ جميلة. وكنتُ لا أريد شيئًا سوى تصديقه. وسرعان ما تشابكت الأيادي، ثم كان العناق والقبلات واللمسات — شيء يستدرج شيئًا آخر. وكلما أراد المزيد مني، أغلقتُ بإحكام تام على جميع المشاعر التي تحسسني بالذنب الفظيع والرهبة. وعندما طلب مني المجامعة، استسلمتُ له. فاخترتُ أن أغوص في الخطيئة أعمق وأعمق، بدلاً من التواجه الصريح مع واقعي المزري جدًا الذي كنتُ فيه. وأردتُ الهروب من بيتي لأعيش معه، ووعدته بحبي وإخلاصي، حتى وإن كان قد هدد بقتلي لو أخبرتُ أيَّ إنسان عن علاقتنا. أمَّا في اليوم التالي، فقد اختفى، ولم أرَه ثانية على الإطلاق.

وبعد أن ابتليتُ بالاكتئاب والحزن، فكرتُ بالانتحار. وكان لديَّ ألم مستمر في رأسي ومعدتي. وشعرتُ بأني في طريقي إلى الجنون. لقد استحوذ عليَّ الجنس؛ ولم يسعني رؤية كيف يمكنني أن أواصل حياتي بدون رجل «يحبني.» فأخذتُ أنتقل من فتى إلى آخر؛ حتى كان اثنان منهم مرتبطين بعلاقة خطوبة مع فتيات أخريات. فانتابني اليأس، وبكيتُ لساعات طويلة بالسرِّ. ورغم أني كنتُ أحِسُّ في داخلي وكأنني عاهرة، إلاَّ أني حاولتُ أن أُظهِر لعائلتي وأصدقائي شخصيَّة سعيدة وواثقة، ...

لم يكُن بمقدور حياتي المزدوجة أن تدوم إلى الأبد، فقد انفضح كذبي أخيرًا. وأحسستُ آنذاك بأن الله كان يعطيني فرصة أخرى. وربما لن أجد مثل هذه الفرصة ثانية، للإقلاع عن خطيئتي. وبعد استسلامي لله، توجَّهتُ إلى والديَّ، واعترفتُ لهما بكل شيء. ولكن الشيطان لم يكُن يريدني الإفلات من قبضته بهذه السرعة، فكان يعذبني في النوم، ولكنني بدأتُ ألمس محبة وحنان الله تدريجيًّا في الأسابيع والشهور التي تلت. وكانت هناك محبة وصلوات متواصلة من جانب أفراد أسرتي وكنيستي، الذين لم يقطعوا الأمل من توبتي مُطلقًا. وأنا أؤمن بأن الصلاة طردت الكثير من الأرواح الشريرة التي كانت تبدو دائمًا وهي تحوم حولي، خصوصًا في تلك الأسابيع الأولى.

وبعد أشهر من الصراع الروحي الشاق، انتهتْ أخيرًا عبوديتي للشرِّ. ثم جاءت اللحظة التي لا تُنسى عندما أعلن راعي الكنيسة باسم الرب يسوع المسيح أن جميع خطاياي قد غُفِرت. فالقوة التي تميَّزت بها تلك اللحظة، ومدى فرحتها، لم يكُن لهما أيُّ حدٍّ.

ما أعظم تلك العَطيَّة عندما نتمكن من أن نجد شخصًا نثق فيه لنفتح له قلوبنا، ولنحادثه عن أعباء الذنوب التي في حياتنا! فحينما يفتح المرء قلبه لشخص آخر، فإنَّ هذا الأمر يمكن تشبيهه بفتح بوابة قناة في سَدٍّ — فيجري الماء مُتدفِّقًا إلى الخارج، ويزول الضغط. فإذا كان الاعتراف بالخطايا صادقًا ومن القلب، فسيخلق إحساسًا عميقًا بالارتياح، لأنه الخطوة الأولى على طريق الغفران. ولكن علينا في النهاية المثول أمام الله. فلا مجال للهروب أو الاختباء عنه، كما فعل آدم وحواء عندما عَصَياه. فإذا كُنَّا على استعداد للمثول أمام الله في نور ابنه يسوع المسيح، تَمكَّن الرب من حرق كل ذنوبنا وجعلها دخانًا منثورًا.

ومثلما وهب الله سلامًا وفرحًا للرجل الأول وللمرأة الأولى في جنة عدن، فهكذا يُسلِّم الله الآن كل مؤمن مُهِمَّة العمل المتفاني في خدمة الخليقة الجديدة لملكوته المسالم. ولتنفيذ هذه المُهِمَّة، علينا قبول سيادة الله على حياتنا، وأن نكون على استعداد للمضي في طريق يسوع بكامله، أيْ بدءًا من المذود الوضيع في بيت لحم، وانتهاء إلى خشبة الصليب في الجُلجُثة. وهي مسيرة وضيعة جدًا، ومتواضعة. غير أنها السبيل الوحيد الذي يؤدي إلى النور الكامل، والأمل.

إنَّ يسوع المسيح وحده قادر على مغفرة خطايانا وإزالة آثامنا، لأنه وحده خالٍ من كل عيبٍ أو دَنَسٍ. وهو قادر على أن يَخِز ضمائرنا، ويحررها من الأمور غير الطاهرة، ومن مرارة استياء بعضنا من بعض، والتنافر، وعدم الوئام الذي بيننا، كما يشهد الإنجيل:

 فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ! (عبرانيين 9: 14)

فإذا رضينا بوخز ضمائرنا، وإذا تحملنا مسؤولية الخيار الحياتي الباطل الذي اتخذناه سابقًا ومن ثم تبنا عنه، وإذا رحَّبنا بتأديب الله لنا وبرحمته، فلا يهم عندئذ مدى انحرافنا أو درجة فسادنا الذي نحن عليه. لأن الضمير الذي اعتاد على أن يكون عدوًّا لنا، سيصبح في المسيح صديقًا لنا، ويقوم بتوبيخنا كلما سقطنا في الخطيئة.

 

للغفران قدرة على تغيير حياتنا

لغفران الخطايا الذي يُقدِّمه يسوع المسيح مجانًا، طاقة مؤثرة جدًا، لدرجة أنه يغيِّر حياة الشخص كُليًّا. فإذا سلَّمنا أنفسنا ليسوع، فسيستسلم ويهجرنا كل ما يجعلنا خائفين، أو منعزلين، وكل ما يجعلنا مخادعين، أو نجسين غير طاهرين، وكل ما يمنعنا عن تقديم أعمال المحبة إلى الآخرين، أو قبولها منهم. وسيحصل انقلاب شامل في حياتنا وتتعدَّل الأمور. وسيبدأ هذا التغيير وهذا التحوُّل في أعماق صميم كياننا، ومن بعد ذلك ستتغيَّر أيضًا جميع مظاهر حياتنا الخارجية، بما في ذلك جميع علاقاتنا.

وعندما يواجه المرء (هو أو هي) الموت، يتبيَّن بوضوح فيما إذا كان الشخص قد تغيَّر وتاب وعاش هذا الخلاص الذي يُقدِّمه يسوع المسيح، أو لم يَعِشه. فالذين كانوا بقرب شخص يحتضر على فراش الموت، أمكنهم رؤية الأهمية البالغة للعلاقة الروحيَّة للإنسان مع الله. لأنهم يعلمون بأن ما يشهدونه في نهاية الأمر، وعندما يسحب الإنسان نَفَسَه الأخير، فإنَّ هذه العلاقة هي الشيء الوحيد الذي يتَّكِل عليه الإنسان، والعنصر الوحيد الذي يلعب دورًا حاسِمًا في الحصول على السلام الروحي أثناء النزاع الأخير.

إنَّ المُهِمَّة الرئيسية في الحياة لكل إنسان هي إعداد نفسه للقاء الله. ويعلمنا يسوع كيف نفعل ذلك بقوله:

 الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. (متى 25: 40)

ويقول كذلك:

 طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. (متى 5: 3)

وأنا شخصيًّا قد شهدتُ هذا عند فراش الموت في الساعات الأخيرة لبعض الأشخاص. فوجدتُ أن الشخص الذي كان مُكرِّسًا حياته لخدمة الآخرين، مثلما عاش يسوع، كان الله قريبًا جدًا منه في ساعته الأخيرة، وقد أنعم عليه بالسلام. غير أني شهدتُ أيضًا، من ناحية أخرى، عذاب وآلام أولئك الذين عاشوا حياة أنانية وأثيمة، ويرفضون التوبة عند ساعة الممات.

ويحتاج كل فرد فينا، سواء كان متزوجًا أو عازبًا، إلى أن يستوعب بعمق، الكلمات الأبدية الشافية ليسوع:

وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. (متى 28: 20)

فهناك حياةٌ ومحبةٌ ونورٌ في يسوع المسيح. وبفضله يمكن لحياتنا وعلاقاتنا أن تُنَقَّى من كل ما يُثقِل كاهلنا، وتتخلص مما يتعارض مع المحبة، ويمكن استعادة صورة الله فينا.

 

هذه المقالة مقتطفة من كتاب «دعوة إلى حياة العفة والنقاوة»



[1] مثلما صرخ الناس في يوم الخمسين سائلين رسل المسيح عن مشيئة الله بعدما توجعت قلوبهم وشعروا بأنهم مذنبون وخطأة بفضل تبكيت الروح القدس لضمائرهم.

[2] كيبوتس هو تجمع سكني تعاوني، وله عدة مواقع في إسرائيل، ويضم جماعة من المزارعين أو العمال اليهود الذين يعيشون ويعملون معًا في الزراعة والصناعة، ويتقاسمون مصاريف المعيشة الأساسية.


a couple strolls toward an orange sunset
مساهمة من JohannChristophArnold يوهان كريستوف آرنولد

هناك الكثير من المقالات والكتب الإلكترونية المجانية بقلم يوهان كريستوف آرنولد عن الزواج المسيحي واِتِّباع المسيح والصلاة والبحث عن السلام.

اِقرأ المزيد
1 تعليقات